الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4999 [ ص: 432 ] 26 - باب: إذا عرض بنفي الولد

                                                                                                                                                                                                                              5305 - حدثنا يحيى بن قزعة، حدثنا مالك عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ولد لي غلام أسود. فقال: "هل لك من إبل؟". قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟". قال: حمر. قال: "هل فيها من أورق". قال: نعم. قال: "فأنى ذلك؟". قال: لعله نزعه عرق. قال: "فلعل ابنك هذا نزعه". [6847، 7314 - مسلم: 1500 - فتح: 9 \ 442].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر في حديث أبي هريرة، أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ولد لي غلام أسود. فقال: "هل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ ". قال: حمر. قال: "هل فيها من أورق؟ ". قال: نعم. قال: "فأنى ذلك؟ ". قال: لعل نزعه عرق. قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عرق".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا، وعند الترمذي: جاء رجل من بني فزارة . وعند النسائي: وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه، فلم يرخص له في الانتفاء منه .

                                                                                                                                                                                                                              وعند أبي داود، عن الزهري قال: بلغنا عن أبي هريرة. وفي لفظ: وإني أنكره ، وروى عبد الغني في "غوامضه" في آخره: فقدم عجائز من بني عجل، فأخبرن أنه كان للمرأة جدة سوداء.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو موسى المديني في كتابه "المستفاد بالنظر والكتابة": هذا إسناد عجيب، والحديث صحيح من رواية أبي هريرة، ولم يسم فيه الرجل، وقال: امرأة من بني فزارة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 433 ] واحتج بهذا الحديث الكوفيون والشافعي فقالوا: لا حد في التعريض ولا لعان به ; لأنه - عليه السلام - لم يوجب على هذا الرجل الذي عرض بامرأته حدا -وأوجب مالك الحد في التعريض واللعان بالتعريض إذا فهم منه القذف ما يفهم من التصريح - ولا على عويمر حيث قال: يا رسول الله، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فيقتله؟ الحديث. وأوله أصحاب مالك بأنه إنما جاء سائلا مستشيرا، يوضحه أنه- عليه السلام -لما ضرب له المثل سكت ورأى الحق فيما ضرب له من ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              قال المهلب: والتعريض إذا لم يكن على سبيل المشاتمة والمواجهة وكان على سبيل السؤال عما يجهل من المشكلات فلا حد فيه، ولو وجب فيه حد لبقي شيء من علم الدين لا سبيل إلى التوصل إليه مع ذكر من عرض له في ذلك عارض.

                                                                                                                                                                                                                              ولا يجب عند مالك في التعريض حد إلا أن يكون على سبيل المشاتمة والمواجهة، يعلم قصده، وستعرف اختلاف العلماء وبيان أقوالهم في التعريض في الحدود إن شاء الله.

                                                                                                                                                                                                                              وقد ضرب عمر رجلا ثمانين لما قال: ما أنا بزان ولا أمي بزانية. فاستشار في ذلك عمر فقال قوم: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لهما مدح غير هذا .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا احتياط منه لصيانة الأعراض، والظالم أحق أن يحمل عليه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 434 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              والأورق: الأغبر الذي فيه سواد وبياض، فليس بناصع البياض كلون الرماد، وسميت الحمامة ورقاء لذلك.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفي الحديث: الاستفهام بمعنى التقرير، وجواز الاعتبار وطلب الدليل، فيعتبر بنظيره من طريق واحدة، وهو اعتبار الشبه الخلقي.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن الولد لاحق للزوج وإن اختلف ألوانهما، ولا يحل له نفيه بمجرد المخالفة في اللون، ولبعض أصحابنا وجه في هذه الصورة وهو واه; لما ذكرناه.

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي: "ولعل" هنا بمعنى التحقيق.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: تقديم حكم الفراش على اعتبار الشبه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: زجر عن تحقيق ظن السوء.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية