الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
7110 7549 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان، عن منصور، عن nindex.php?page=showalam&ids=10941أمه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=656994كان النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=32254_651يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض. [ انظر: 297 - مسلم: 301 - فتح: 13 \ 518 ].
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - : nindex.php?page=hadith&LINKID=848843nindex.php?page=treesubj&link=18651_32258 "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به".
حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء: nindex.php?page=hadith&LINKID=650727nindex.php?page=treesubj&link=899_31001_31002سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العشاء: بالتين والزيتون، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه.
رابعها:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : nindex.php?page=hadith&LINKID=656992nindex.php?page=treesubj&link=30617_32258_30604كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواريا [ ص: 549 ] بمكة، وكان يرفع صوته، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن جاء به. الحديث سلف قريبا.
خامسها:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : nindex.php?page=hadith&LINKID=650574 "إني أراك تحب الغنم والبادية. . ". الحديث سلف في الأذان
سادسها:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - : nindex.php?page=hadith&LINKID=656994nindex.php?page=treesubj&link=32254كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض.
( الشرح ):
ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرج القطعة منه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=665199nindex.php?page=treesubj&link=28897_32239_18624 "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة".
ثم قال: حسن صحيح.
وقوله: ( nindex.php?page=hadith&LINKID=667266 "زينوا القرآن بأصواتكم" ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن [ ص: 550 ] عوسجة، عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب مرفوعا، فذكره وأخرجه أيضا معه ( nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ) كما أسلفناه في موضعه، وروي مقلوبا كما ستعلمه في الباب واضحا مع البحث عنه.
فصل:
قوله: "ما أذن الله لشيء" استمع. ويقال: اشتقاقه من الأذن; لأن السماع يقع بها لذوي الآذان، قال الشاعر:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
فصل:
وقوله: ( "زينوا القرآن بأصواتكم" ) أي: بالمد والترتيل ليس التطرب الفاحش الذي يخرج إلى حد الغناء.
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - أن الله تكلم ببراءة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - حتى أنزل ما أنزل، لا كما قال بعض الناس: إن الله لم يتكلم بكلامه، وهذا عظيم منه; لأنه يلزمه أن يكون تكلم بكلام حادث فتحل فيه الحوادث - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وإنما أراد بقوله: "أنزل الله" أي: أنزل الله إلينا المحدث، وهو عبارة عن القديم [ ص: 551 ] ليس أن الكلام القديم نزل الآن.
فصل:
وكان - عليه السلام - حسن الصوت. ويقال: إنه والخط أول نعم الله على العباد وكلما زاد في العبد من طول أو غيره لم يخرج ( عن ) جملة الناس، وقال الحسن: الزيادة في الجنة من نعم الله وقرأ ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=247وزاده بسطة في العلم والجسم ) [ البقرة: 247 ] قال - عليه السلام - : nindex.php?page=treesubj&link=31956 "سهل الله لداود القرآن وكان يأمر بدابته لتسرج فلا يفرغ من ذلك حتى يقرأ القرآن" يعني: الزبور، nindex.php?page=hadith&LINKID=909289nindex.php?page=treesubj&link=31719وسمع قراءة nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وكان حسن الصوت، فقال: "قد أوتي صاحبكم مزمارا من مزامير آل داود".
فصل:
قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب: المهارة بالقرآن: جودة التلاوة له بجودة الحفظ فلا يتلعثم في قراءته ولا يغير لسانه فيشكل في حرف أو قصة مختلفة النص، وتكون قراءته سمحة بتيسير الله تعالى له كما يسره على الملائكة الكرام البررة، فهو معها في مثل حالها من الحفظ وتسهيل التلاوة، وفي درجة الأجر إن شاء الله تعالى، فيكون بالمهارة عند الله كريما برا.
[ ص: 552 ] فصل:
يحتمل - كما قال القاضي - أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة; لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله، قال: ويحتمل أن يكون المراد به عامل عملهم وسالك مسلكهم.
وقد أسلفنا ذلك أيضا في تفسير سورة عبس.
فصل:
وكأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - أشار بهذه الترجمة وما ضمنها من الأحاديث في حسن الصوت، إلى أن الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصوت ( به ) ألا تراه أدخل بإثر ( ذلك ) الماهر قوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=667266 "زينوا القرآن بأصواتكم" فأحال على الأصوات التي تتزين بها التلاوة في الأسماع لا الأصوات التي تمجها الأسماع; لإنكارها وجفائها على حاسة السمع وتألمها بفزع الصوت المنكر، وقد قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=19إن أنكر الأصوات لصوت الحمير [ لقمان: 19 ]; لجهارته - والله أعلم - وشدة قرعه للسمع، وفي إتباعه أيضا بهذا المعنى قوله: "ما أذن الله لشيء" ما يقوي قولنا ويشهد له.
وقوله: nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون [ الحجرات: 2 ] دليل على أن رفع الصوت على المكالم بأكثر من صوته من الأذى، والأذى ( حظه )، ويدل على أن المقاومة لمقدار أصوات المتكلمين معافاة من الخطأ إلا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، فمنع الله تعالى من مقاومته في الآية توقيرا له وإعظاما.
وقد أسلفنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - في طبق ترجمة القرآن.
وتأويل قوله: "أجران" فيه، والله أعلم، يفسره حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - : nindex.php?page=hadith&LINKID=939786nindex.php?page=treesubj&link=18627_32239 "من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات"، فيضاعف الأجر لمن يشتد عليه حفظ القرآن، فيعطى لكل حرف عشرين حسنة.
وأجر الماهر أضعاف هذا إلى ما لا يعلم مقداره; لأنه مساو للسفرة الكرام البررة; لأنهم ملائكة. وفي هذا تفضيل الملائكة على بني آدم، وقد سلف ما فيه، وكذلك لم يسند البخاري قوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=667266 "زينوا القرآن بأصواتكم" وقد أسندناه، وهو تفسير قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=682241 "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" ; لأن تزيينه بالصوت لا يكون إلا بصوت يطرب سامعيه [ ص: 554 ] ويلتذون بسماعه، وهو ( التغني ) الذي أشار إليه الشارع [ و ] هو الجهر الذي قيل في الحديث، يجهر به بتحسين الصوت الملين للقلوب من القسوة إلى الخشوع، وهذا التزيين الذي أمر به - عليه السلام - .
وإلى هذا أشار nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد بمجمل الأحاديث التي جاءت في حسن الصوت بالقرآن، إنما هو من طريق التحزين والتخويف والتشويق، وقال: إنما نهى nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أن يحدث بحديث: nindex.php?page=hadith&LINKID=667266 "زينوا القرآن بأصواتكم"، لئلا ( يتأول ) الناس فيه الرخصة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الألحان المبتدعة.
وفسر nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي الحديث على القلب، فقال: معناه: زينوا أصواتكم بالقرآن، على مذهبهم في قلب الكلام، وهو كثير، يقال: عرضت الناقة على الحوض، أي: عرضت الحوض على الناقة.
وإنما تأولنا الحديث على هذا المعنى; لأنه لا يجوز على القرآن وهو كلام الخالق أن يزينه صوت مخلوق، وقال شعبة: نهاني أيوب أن أحدث بهذا الحديث.
وكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=19817 "زينوا أصواتكم بالقرآن".
والمعنى: اشتغلوا بالقرآن، والهجوا بقراءته، واتخذوه شعارا، ولم يرد تطريب الصوت والتزين له; إذ ليس ذلك في وسع كل أحد، لعل من [ ص: 555 ] الناس من يريد التزيين له فيفضي به ذلك إلى التهجين.
وهذا معنى قوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=682241 "ليس منا من لم يتغن بالقرآن". إنما هو أن يلهج بتلاوته كما يلهج الناس بالغناء والطرب عليه، وكذلك فسره أبو سعيد بن الأعرابي سأله عنه إبراهيم بن فراس، فقال: كانت العرب تتغنى بالركباني - وهو النشيد بالتمطيط والمد - إذا ركبت الإبل وإذا جلست في الأفنية وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب - عليه السلام - أن يكون القرآن هجيرهم مكان التغني بالركباني.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: والقول الأول الذي عليه الفقهاء، وعليه تدل الآثار، وما اعتل به nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن كلام الله لا يجوز أن يزينه صوت مخلوق، فقد نقضه بقوله: وليس التزيين في وسع. إلى آخره، فقد نفى عنه التزيين وأثبت له التهجين.
وهذا خلف من القول، ولو كان من باب المقلوب كما زعمه هذا القائل لدخل في الخطاب من كان قبيح الصوت وحسنه، ولم يكن للصوت الحسن فضل على غيره، ولا عرف للحديث معنى، ولما ثبت nindex.php?page=hadith&LINKID=76695أنه - عليه السلام - قال nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى الأشعري حين سمع قراءته وحسن صوته: "لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود".
وثبت أن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر - رضي الله عنه - كان حسن الصوت بالقرآن، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : اقرأ سورة كذا، فقرأها عليه، فبكى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - وقال: ما ( كنت ) أظن أنها نزلت.
[ ص: 556 ] فدل ذلك أن التزيين للقرآن إنما هو تحسين الصوت به; ليعظم موقعه في القلوب وتستميل مواعظه ( من النفوس )، ولا ينكر أن القرآن يزين صوت من أدمن قراءته، وآثره على حديث الناس، غير أن جلالة موقعه من القلوب والتذاذ السامعين به لا يكون إلا مع تحسين الصوت به.
واعترض ابن التين فقال: ظن الشارح - يعني nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال - أن غرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إثبات حكاية قراءة القرآن بتحسين الصوت، وليس كذلك، وإنما غرضه الإشارة إلى ما تقدم من وصف التلاوة بالحسن والتحسين، والرفع والخفض، ومقارنة الحالات البشرية; لقولها: ( nindex.php?page=hadith&LINKID=650288قرأ القرآن في حجري وأنا حائض ). فهذا كله يحقق أن القراءة فعل القارئ، ومتصفة بما تصف به الأفعال، ومتعلقة بالظروف المكانية والزمانية.
فصل:
وقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد - رضي الله عنه - : nindex.php?page=hadith&LINKID=650574 "ارفع صوتك بالنداء": فيه دليل أن nindex.php?page=treesubj&link=32258_24424رفع الصوت وتحسينه بذكر الله في القرآن وغيره من أفعال البر; لأن في ذلك تعظيم أمر الله والإعلان بشريعته، وذلك يزيد في التخشع وترقيق النفوس.
فصل:
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - ففيه معنى ما ترجم به من المهارة بالقرآن; لأنه - عليه السلام - كان قد يسر الله ( عليه ) قراءته حتى كان يقرؤه على كل أحواله لا يحتاج أن يتهيأ له بقعود ولا بإحضار حفظ، لاستحكامه فيه [ ص: 557 ] فلا يخاف عليه توقفا; فلذلك كان يقرؤه راقدا وماشيا وقاعدا ونائما، ولا يتأهب لقوة حفظه ومهارته - عليه السلام - .
وفيه: أن المؤمن لا ينجس كما قال - عليه السلام - ، وأن وصف المؤمن بالنجاسة إنما هو إخبار عن حال مباشرة الصلاة ونقض غسله ووضوئه، ألا ترى سماع nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - قراءته وهي حائض، والسماع عمل من أعمال المؤمنين مدخور لهم به الحسنات ورفع الدرجات.