الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ماعز ، فإنه - عليه السلام - nindex.php?page=hadith&LINKID=656317قال " أحصنت ؟" . قال : نعم يا رسول الله . قال :" اذهبوا به فارجموه " .
nindex.php?page=treesubj&link=10337ولازم على كل إمام أن يسأل المقر إن كان محصنا أو غير محصن ؛ لأنه - عليه السلام - قد فرق بين حد المحصن والبكر ، فواجب عليه أن يقف على ذلك ، كما يجب عليه إذا أشكل ( إعلام ) المقر أن يسأله .
ثم بعد ذلك يلزمه تصديق كل واحد منهما ؛ لأن الحد لا يقام إلا باليقين ، ولا يحل فيه التجسس .
[ ص: 201 ] ولما كان قوله مقبولا في اللمس والغمز كان قوله مقبولا في الإحصان ، فالباب واحد في ذلك . ولا شك أنه إذا لم يعلم بحاله أن سؤاله عن إحصانه واجب ، وإن علم بإقراره قبل فلا .
واختلف إذا لم يسمع منه إقرار ولا إنكار على ثلاثة أقوال للمالكية ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : يقبل قوله وإن طال مكثه مع زوجته ، إلا أن يعلم غير ذلك بظهور حمل أو سماع .
وقال في النكاح الثالث من " المدونة " : إذا أحدت امرأة في زنا ، وكانت أقامت عشرين سنة لم يقبل قولها .
وقال عبد الملك : عند محمد لا يقبل قول من أنكر من الزوجين ، والرجم قائم ولو لم يقم معها إلا ليلة واحدة ، قال محمد : وهو قول أصحابنا وقول nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم .
وإن اختلفا بعد الدخول حد المنكر ، واختلف في المقر فقيل : يحد حد البكر ، وقيل : حد الثيب ، إلا أن يرجع عما كان أقر به ، وإن كان الزوج يدعي الإصابة ، ثم الآن [ قال ] كنت قلت ذلك لأملك الرجعة ، أو كانت الزوجة مدعية الإصابة ، وقالت : قلت ذلك لأشتمل الصداق أو غير ذلك من العذر حلف ، وحد حد البكر .
فصل :
قوله : ( فلما أذلقته الحجارة جمز ) سلف معنى أذلقته ، و ( جمز ) : أسرع يهرول .
[ ص: 202 ] قال الجوهري وابن فارس : الجمز : ضرب من السير أشد من العنق . وقال بعض السلف ( لرجل ) : اتق الله قبل أن يجمز بك ، يريد : السير السريع في جنازته . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : الناقة تعدو الجمز . وهو العدو الذي ينزو .
فصل :
قد أسلفنا اختلاف العلماء في nindex.php?page=treesubj&link=10328الاعتراف بالزنا الذي يجب فيه الحد ، هل يفتقر إلى عدد ؟ على ثلاثة مذاهب ، وأن ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد اعتبروه في مجلس ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة والكوفيين اعتبروه في مجالس ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالكا وأبا ثور قالوا : يكفي مرة ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق وعمر ، وقد أجبنا عن شبهة من اعتبر بعدده ، قالوا : ولما كان الزنا مخصوصا من بين سائر الحقوق بأربعة شهداء جاز أن يكون مخصوصا بإقرار أربع مرات ، وحجة من لم يشترطه قصة العامدية ،
وقوله لأنيس :" فإن اعترفت فارجمها " ولم يقل أربعا ، فلا معنى لاعتباره ، وأيضا فإنه لا يدل على مخالفة الزنا لسائر الحقوق في أنه مخصوص بأربعة شهداء على مخالفته في الإقرار ؛ لأن القتل مخالف للأموال في الشهادات ، فلا يقبل في القتل إلا شاهدان ، ويقبل في
[ ص: 203 ] الأموال شاهد وامرأتان ، ثم اتفقنا في باب الإقرار أنه يقبل فيه إقرار مرة ، ولو وجب اعتبار الإقرار بالشهادة لوجب أن لا يقبل في الموضع الذي لا يقبل فيه إلا شاهدان [ أو ] الإقرار مرتين ، وقد أجمع العلماء أن nindex.php?page=treesubj&link=15580سائر الإقرارات في الشرع يكفي فيها مرة واحدة ، وإن أقر بالردة مرة واحدة يلزمه اسم الكفر ، والقتل لازم عليه ، فلزم في الزنا مثله ، وإنما لم يقم عليه أول مرة ؛ لما سلف من أنه - عليه السلام - لما رآه مخيل الصورة فزعا أراد التثبت في أمره ، هل به جنة أم لا ؟ مع أنه كره ما سمع منه
فأعرض عنه رجاء أن يستر على نفسه ويتوب إلى الله ، ألا ترى أنه لقنه بقوله :" nindex.php?page=hadith&LINKID=909176لعلك لمست أو غمزت " فلا معنى لاعتبار العدد في الإقرار