2518 27 - حدثنا فأفهمني بعضه أبو الربيع سليمان بن داود ، قال : حدثنا أحمد عن فليح بن سليمان ، عن ابن شهاب الزهري ، عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي عن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله منه ، قال عائشة وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم أوعى من بعض وأثبت له اقتصاصا ، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عن الزهري : ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، زعموا أن عائشة قالت : عائشة المدينة آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري ، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه ، فأقبل الذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهن اللحم ، وإنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم [ ص: 225 ] يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش ، فجئت منزلهم وليس فيه أحد ، فأممت منزلي الذي كنت به ، فظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين أناخ راحلته ، فوطئ يدها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك ، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهرا والناس يفيضون من قول أصحاب الإفك ، ويريبني في وجعي أني لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض ، إنما يدخل فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ؟ لا أشعر بشيء من ذلك حتى نقهت فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع متبرزنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول في البرية أو في التنزه ، فأقبلت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم نمشي ، فعثرت في مرطها فقالت : تعس فقلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا شهد مسطح ، بدرا ؟ فقالت : يا هنتاه ألم تسمعي ما قالوا ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا إلى مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلم فقال : كيف تيكم ؟ فقلت : ائذن لي إلى أبوي ، قالت : وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيت أبوي فقلت لأمي : ما يتحدث به الناس ؟ فقالت : يا بنية هوني على نفسك الشأن ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها ، فقلت : سبحان الله ، ولقد يتحدث الناس بهذا ، قالت : فبت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله ، فأما وأسامة بن زيد أسامة فأشار عليه بالذي يعلم في نفسه من الود لهم ، فقال أسامة : أهلك يا رسول الله ولا نعلم والله إلا خيرا ، وأما فقال : يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير ، وسل الجارية تصدقك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بريرة فقال : يا بريرة هل رأيت فيها شيئا يريبك ؟ فقالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق إن رأيت منها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين ، فتأتي الداجن فتأكله ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ، فقام [ ص: 226 ] من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي ؟ قال : يا رسول الله أنا والله أعذرك منه ، إن كان من سعد بن معاذ الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك .
فقام وهو سيد سعد بن عبادة الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية فقال : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على ذلك .
فقام فقال : كذبت لعمر الله والله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، فثار الحيان أسيد بن الحضير الأوس والخزرج حتى هموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فنزل فخفضهم حتى سكتوا وسكت ، وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، فأصبح عندي أبواي قد بكيت ليلتين ويوما حتى أظن أن البكاء فالق كبدي ، قالت : فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ، ولم يجلس عندي من يوم قيل في ما قيل قبلها ، وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء ، قالت : فتشهد ثم قال : يا ، فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، وقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن ، فقلت : إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس ووقر في أنفسكم وصدقتم به ، ولئن قلت إني بريئة ، والله يعلم أني لبريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقني ، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا عائشة أبا يوسف إذ قال : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم تحولت على فراشي وأنا أرجو أن يبرئني الله ، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحيا ، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلم بالقرآن في أمري ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله ، فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات ، فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي : يا احمدي الله ، فقد برأك الله ، فقالت لي أمي : قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله ، فأنزل الله تعالى : عائشة إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم الآيات ، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال رضي الله عنه ، وكان ينفق على أبو بكر الصديق لقرابته منه : والله لا أنفق على مسطح بن أثاثة شيئا [ ص: 227 ] أبدا بعد ما قال مسطح فأنزل الله تعالى : لعائشة ، ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة إلى قوله : غفور رحيم فقال : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى أبو بكر الصديق الذي كان يجدي عليه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل مسطح عن أمري ، فقال : يا زينب بنت جحش زينب ما علمت ما رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت عليها إلا خيرا ، قالت : وهي التي كانت تساميني فعصمها الله بالورع . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فأقرع بيننا في غزاة غزاها ، فخرج سهمي ، فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه ، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ، ودنونا من