قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12997ابْنُ بَطَّالٍ : ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَبَ nindex.php?page=showalam&ids=52صُهَيْبًا لَكَ . وَقَالَ ابْنُ التِّينِ : أَتَى nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ هُنَا لِأَنَّ الْعَطَايَا نَافِذَةٌ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَمُنَاسَبَتُهُ لَهَا أَنَّ الصَّحَابَةَ بَعْدَ ثُبُوتِ عَطِيَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِصُهَيْبٍ لَمْ يَسْتَفْصِلُوا هَلْ رَجَعَ أَوْ لَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنْ nindex.php?page=treesubj&link=7325لَا أَثَرَ لِلرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ، انْتَهَى . قُلْتُ : أَمَّا مَا ذَكَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=12997ابْنُ بَطَّالٍ وَابْنُ التِّينِ فَلَهُ وَجْهٌ مَا ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَلَا وَجْهَ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إِذَا مَاتَ لَا رُجُوعَ فِيهِ أَصْلًا عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ ، وَأَمَّا عِنْدُ الْحَنَفِيَّةِ فَلِأَنَّ الرُّجُوعَ امْتُنِعَ بِالْمَوْتِ ، وَأَمَّا عِنْدُ غَيْرِهِمْ فَلَا رُجُوعَ مِنَ الْأَوَّلِ أَصْلًا إِلَّا فِي مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ ، وَاسْتِفْصَالُ الصَّحَابَةِ وَعَدَمُ اسْتِفْصَالِهِمْ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ لَا دَخْلَ لَهُ هُنَا ، فَلَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِ " فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا أَثَرَ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ " ; لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَمْ يَبْقَ أَصْلًا ، فَالرُّجُوعُ وَعَدَمُهُ غَيْرُ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الِاسْتِفْصَالِ وَعَدَمِهِ حَتَّى يَكُونَ عَدَمُ اسْتِفْصَالِهِمْ دَالًّا عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ ، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ هُنَا مُتَحَقِّقٌ بِدُونِ ذَلِكَ . أَقُولُ : لِذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا وَجْهٌ حَسَنٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْهِبَةِ عِنْدَ وُقُوعِ الدَّعْوَى بَيْنَ الْمُتَوَاهِبَيْنِ أَوْ بَيْنَ وَرَثَتِهِمْ كَحُكْمِ سَائِرِ الدَّعَاوَى فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْحَاكِمِ وَإِقَامَةِ الشُّهُودِ وَالْيَمِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَافْهَمْ .

[ ص: 177 ] ذِكْرُ رِجَالِهِ : وَهُمْ أَرْبَعَةٌ ; الْأَوَّلُ : nindex.php?page=showalam&ids=12396إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى بْنِ يَزِيدَ الْفَرَّاءُ ، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ ، يَعْرِفُ بِالصَّغِيرِ . الثَّانِي : nindex.php?page=showalam&ids=17248هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ الْيَمَانِيُّ قَاضِيهَا . الثَّالِثُ : nindex.php?page=showalam&ids=13036عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ الْمَكِّيُّ . الرَّابِعُ : nindex.php?page=showalam&ids=12531عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْمَكِّيُّ ، قَاضِي ابْنِ الزُّبَيْرِ .

وَالْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ .

ذِكْرُ مَعْنَاهُ : قَوْلُهُ ( أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ ) بِضَمِّ الصَّادِ ، ابْنِ سِنَانِ بْنِ خَالِدٍ الْمَوْصِلِيِّ ثُمَّ الرُّومِيِّ ثُمَّ الْمَكِّيِّ ثُمَّ الْمَدَنِيِّ ، كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْمُعَذَّبِينَ فِي اللَّهِ ، أَبُو يَحْيَى ، وَقِيلَ nindex.php?page=showalam&ids=17026أَبُو غَسَّانَ ، سَبَتْهُ الرُّومُ مِنْ نِينَوَى ، وَأُمُّهُ سَلْمَى مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ ، كَانَ أَبُوهُ أَوْ عَمُّهُ عَامِلًا لِكِسْرَى عَلَى الْأُبُلَّةِ ، وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ بِأَرْضِ الْمَوْصِلِ فَأَغَارَتِ الرُّومُ عَلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَسَبَتْ nindex.php?page=showalam&ids=52صُهَيْبًا وَهُوَ غُلَامٌ صَغِيرٌ فَنَشَأَ بِالرُّومِ فَصَارَ أَلْكَنَ ، فَابْتَاعَهُ كَلْبٌ مِنْهُمْ فَقَدِمُوا بِهِ مَكَّةَ فَاشْتَرَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَمِيمِ بْنِ مُرَّةً فَأَعْتَقَهُ ، فَأَقَامَ مَعَهُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ هَلَكَ ابْنُ جُدْعَانَ ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي النِّصْفِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَأَدْرَكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبَاءَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ ، وَشَهِدَ بَدْرًا ، وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً ، وَصَلَّى عَلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ . وَأَمَّا بَنُو صُهَيْبٍ فَهُمْ : حَمْزَةُ ، وَسَعْدٌ ، وَصَالِحٌ ، وَصَيْفِيٌّ ، وَعَبَّادٌ ، وَعُثْمَانُ ، وَحَبِيبٌ ، وَمُحَمَّدٌ - وَكُلُّهُمْ رَوَوْا عَنْهُ .

قَوْلُهُ ( فَقَالَ مَرْوَانُ ) هُوَ ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأُمَوِيُّ ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=33لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ .

قَوْلُهُ ( بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً ) ، " بَيْتَيْنِ " تَثْنِيَةُ بَيْتٍ ، قَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ : الْبَيْتُ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ ، وَأَصْلُهُ مِنْ بَيْتِ الشَّعْرِ أَوِ الصُّوفِ ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ . وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12570ابْنُ الْأَثِيرِ : بَيْتُ الرَّجُلِ دَارُهُ وَقَصْرُهُ . قُلْتُ : الدَّارُ لَا تُسَمَّى بَيْتًا لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بُيُوتٍ ، وَالْحُجْرَةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمِلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ - هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُنْفَرِدُ فِي الدَّارِ . وَذَكَرَ nindex.php?page=showalam&ids=16670عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ أَنَّ بَيْتَ صُهَيْبٍ كَانَ nindex.php?page=showalam&ids=54لِأُمِّ سَلَمَةَ فَوَهَبَتْهُ لِصُهَيْبٍ ، فَلَعَلَّهَا أَعْطَتْهُ بِإِذْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالظَّاهِرُ أَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى غَيْرُ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ ( مَنْ شَهِدَ لَكُمَا ) ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : لَفْظُ " بَنِي صُهَيْبٍ " جَمْعٌ وَهَذَا مُثَنًّى - قُلْتُ : أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ عِنْدَ بَعْضِهِمُ . انْتَهَى ، قُلْتُ : لَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا التَّعَسُّفِ ، بَلِ الْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي ادَّعَى كَانَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَخَاطَبَهُمَا مَرْوَانُ بِصِيغَةِ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُخَاطِبُ إِلَّا الَّذِي يَدَّعِي . وَفِي رِوَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=13779الْإِسْمَاعِيلِيِّ " فَقَالَ مَرْوَانُ : مَنْ يَشْهَدُ لَكُمْ ؟ " ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا إِشْكَالَ فِيهَا .

قَوْلُهُ ( قَالُوا : nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ) ; أَيْ يَشْهَدُ بِذَلِكَ nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ .

قَوْلُهُ ( فَدَعَاهُ ) ; أَيْ فَدَعَا مَرْوَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَشَهِدَ بِذَلِكَ وَقَالَ : لَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاللَّامُ فِيهِ مَفْتُوحَةٌ لِأَنَّهَا لَامُ الْقَسَمِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَاللَّهِ لَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قَوْلُهُ ( فَقَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ ) ; أَيْ حَكَمَ مَرْوَانُ بِشَهَادَةِ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ لِبَنِي صُهَيْبٍ بِالْبَيْتَيْنِ وَالْحُجْرَةِ .

وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12997ابْنُ بَطَّالٍ : كَيْفَ قَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَةِ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ وَحْدَهُ ؟ ثُمَّ قَالَ : فَالْجَوَابُ أَنَّ مَرْوَانَ إِنَّمَا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ عَلَى مَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ مِنَ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ . قِيلَ : فِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ . قُلْتُ : لَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ تَنْفِي الْحُكْمَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ مِنْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ بِذَلِكَ . فَإِنْ قُلْتَ : قَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ nindex.php?page=showalam&ids=16097كَشُرَيْحٍ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ : الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبَا دَاوُدَ تَرْجَمَ فِي سُنَنِهِ بَابٌ إِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَسَاقَ قِصَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَسَبَبَ تَسْمِيَتِهِ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ . قُلْتُ : الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَأَنَّ قِصَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ مَخْصُوصَةٌ بِهِ . وَقَالَ ابْنُ التِّينِ : قَضَاءُ مَرْوَانَ بِشَهَادَةِ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ; أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ مَالِ اللَّهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعَطَاءَ فَيُنَفَّذُ مَا قِيلَ لَهُ إِنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ قَدْ أَمْضَاهُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الْمُعْطِي عَطَاءً صَحِيحًا . وَقَدْ يَكُونُ هَذَا خَاصًّا فِي الْفَيْءِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى nindex.php?page=showalam&ids=60أَبَا قَتَادَةَ بِدَعْوَاهُ وَشَهَادَةِ مَنْ كَانَ السَّلَبُ عِنْدَهُ .

الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ رُبَّمَا حَكَمَ الْإِمَامُ بِشَهَادَةِ الْمُبَرَّزِ فِي الْعَدَالَةِ وَحْدَهُ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ : حَكَمَ nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٌ بِشَهَادَتِي وَحْدِي فِي شَيْءٍ . قَالَ : وَأَخْطَأَ nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٌ . قَالَ : وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ الصَّحِيحُ .