الهبة للثواب يصاب بها العيب قلت : أرأيت إن قال : نعم . ، الهبة على العوض بيع من البيوع يصنع فيها وفي العوض ما يصنع بالبيع . قلت : وهذا قول وهبت هبة للثواب وأخذت العوض فأصاب الموهوب له بالهبة عيبا ، أله أن يرجع في عوضه ويرد الهبة ؟ ؟ مالك
قال نعم . ، الهبة على العوض في قول مثل البيوع محمل واحد إلا أن الهبة على العوض ، إن لم يثبه ولم [ ص: 405 ] تتغير الهبة بنماء ولا نقصان وكانت على حالها ، فللذي وهبها أن يأخذها إلا أن يثيبه ولا يلزم الذي قبلها الثواب على ما يحب أو يكره . وقال مالك : ولو أثابه الموهوب له بما يعلم أنه ثمن لتلك الهبة ، أجبر الواهب على أخذ ذلك على ما أحب أو كره . مالك
قال : ولو أثابه بما يعلم أنه ليس ذلك للهبة بثمن ، ثم قام صاحب الهبة يطلبه بعد ذلك . قال : أرى أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قبل ذلك إلا انتظارا لتمام ثواب الهبة ، فإذا حلف كان له أن يأخذ تمام الثواب من الموهوب له ، وإن أبى أن يحلف رد الهبة وأخذ عوضه إن كانت الهبة لم تتغير . قال : وكذلك قال لي مالك . قال : وقال مالك : والشفعة كذلك إذا وهب رجل للثواب شقصا لم يكن للشفيع أن يأخذها أبدا إن كان وهبها للثواب حتى يثاب من هبته ، فإن أبى أن يثيبه أخذ الواهب داره ولم تكن فيها شفعة لأحد . قلت : فإن استحق العوض ، أيكون لي أن أرجع في هبتي ؟ مالك
قال : نعم . ، إلا أن يعوضك عوضا آخر ، يكون قيمة الهبة أو أكثر مكان العوض الذي استحق ، فليس لك أن ترجع في الهبة إن أعطاك عوضا مكان العوض الذي استحق .
قلت : فإن عوضني منها عوضا ضعف قيمة الهبة . ثم استحق العوض فأردت أن أرجع في هبتي فقال الموهوب له : أنا أعطيك قيمة الهبة عوضا من هبتك . وقلت : لا أرضى إلا أن تعطيني قيمة العوض ، وقيمة العوض الذي استحق ضعف قيمة الهبة ؟
قال : لا أرى لك إلا قيمة الهبة ، لأن الذي زادك أولا في عوضه على قيمة هبتك إنما كان ذلك معروفا منه تطاول به عليك ، فلما استحق لم يكن لك عليه إلا قيمة هبتك .
قلت : أرأيت إن تصدقت بصدقة للثواب ، أيبطل الثواب وتجوز الصدقة أو يجعلها هبة ؟ مالك
قال : أجعلها هبة إن تصدق بها على الثواب .