قلت : أرأيت إن ، أتنتقض القسمة بيننا أم تحلفه وتكون القسمة جائزة ؟ اقتسمنا أثوابا ورثناها ، فأخذت أنا أربعة وأخذ صاحبي ستة ، ثم ادعيت أن ثوبا منها لي في قسمتي وأنكر صاحبي ذلك
قال : أحلفه وتكون القسمة جائزة .
قلت : ولم ؟
قال : لأن الذي ادعى الثوب الذي في يدي صاحبه ، قد أقر بالقسمة وهو يدعي ثوبا مما في يدي صاحبه ، فلا يصدق ، والقسمة جائزة إذا كانت تشبه ما يتقاسم الناس عليه وحلف شريكه على الثوب ولا شيء له فيه .
قلت : ولم جعلت القول قول من في يديه الثوب مع يمينه ، وأنت تقول لو أني بعت عشرة أثواب من رجل ، فلما قبضها جئته فقلت له إنما بعتك تسعة أثواب وغلطت بالعاشر فدفعته إليك ، وقال المشتري بل اشتريت العشرة كلها ، والأثواب قائمة بأعيانها أن البيع ينتقض بينهما بعد ما يحلف كل واحد منا ، فالقسمة لم لا تجعلها بهذه المنزلة ؟
قال : لا تكون القسمة بهذه المنزلة ; لأن القسمة إذا قبض كل واحد منهما ما صار له وحازه ، لم يجز قول شريكه على ما في يديه ، ولو كان هذا يجوز لم يشأ رجل قعد بعدما تقاسم أصحابه أن يفسخ القسمة فيما بينهم إلا فعل ذلك . والبيع يجوز أن يقول بعتك نصفها أو ربعها ، وكذلك في الجارية وكذلك في الثياب . والقسمة إذا تحاوزا فالقول في الذي حاز كل واحد منهما [ ص: 278 ] قوله ، ولا يلتفت إلى قول صاحبه في ذلك .
قلت : أرأيت إن أقمنا البينة على الثوب الذي ادعيته ، أقمت أنا البينة صار لي في القسمة وأقام صاحبي أيضا البينة على مثل ذلك ، لمن يكون ؟
قال : إذا تكافأت البينتان ، كان القول قول من في يديه الثوب في رأيي .
قلت : والغنم بمنزلة ما ذكرت لك من الثياب إذا اقتسماها فادعى أحدهما غلطا ؟
قال : نعم ذلك سواء .