فيمن اغتصب من رجل نخلا أو شجرا فأثمرت أو غنما فتوالدت قلت : أرأيت إن في قول اغتصبت من رجل نخلا أو شجرا أو غنما أو إبلا ، فأثمرت الشجر عندي وتوالدت الغنم أو الإبل ، فجززت أصوافها وشربت ألبانها وأكلت سمونها وجبنها ، ثم قدم ربها فاستحقها ، أله أن يضمنني ما أكلت من ذلك ، ويأخذها مني بأعيانها ؟ مالك
قال : نعم ، إلا ما كان من ذلك يكال أو يوزن ، فعليه مثل مكيلته أو وزنه .
قلت : فإن كانت قد ماتت ، أله أن يضمنني قيمتها وقيمة ما أكلت منها في قول ؟ مالك
قال : لا ; لأنه بلغني عن أنه قال : لو أن مالك ، لم يكن ذلك له . وإنما له قيمة الأم ويسلم الأولاد أو يأخذ الأولاد ، ولا قيمة له في الأمهات . فكذلك ما أكل أو باع إذا ماتت أمهاتها ، فإنما له قيمة أمهاتها أو الثمن الذي باع به ، أو قيمة ما أكل . بمنزلة ما لو [ ص: 180 ] وجد أولادها وقد هلكت أمهاتها ، فما أكل أو باع فهو بمنزلة الأولاد إذا وجدهم ، وهو رأيي الذي آخذ به ، ألا ترى أن المغتصب باعها من رجل فولدت عنده ، ثم هلكت أمهاتها فأتى ربها ، لم يكن له أن يأخذ أولادها ، وقيمة الأم من المغتصب ؟ وإنما له أن يأخذ الأولاد ، ويتبع المغتصب المشتري بالثمن ، أو يأخذ الثمن من الغاصب ، أو قيمتها يوم غصبها ويترك الولد في يدي المشتري ، ولا يجتمع على المغتصب قيمتها ويتبع بالثمن . فالمغتصب في موت أمهاتها ومن ماتت عنده ممن اشتراها من المغتصب بمنزلة سواء . إذا ماتت أمهاتها ، وهذا الذي سمعت وبلغني من قول رجلا غصب دابة أو جارية فولدت عنده أولادا ، ثم هلكت الأم ، فأراد ربها أن يأخذ ولدها وقيمة الأم منه ممن أثق به . مالك
قلت : وهذه النخل وهذه الشجر وهذا الحيوان الذي غصبته فأكلت ثمرته ، إن كنت قد سقيته وعالجته وعملت فيه ورعيت الغنم وأنفقت عليها في رعايتها ومصلحتها ، أيكون ما أنفقت في ذلك لي ؟
قال : لا شيء لك فيما أنفقت على النخل ، ولا فيما رعيت الغنم ، ولكن يكون ذلك لك فيما عليك من قيمة الغلة ، إلا أن يكون ما أنفقت أكثر مما اغتنمت . ألا ترى لو أن رجلا سرق دابة فحلبها أشهرا وأنفق عليها ، ثم أتى ربها فاستحقها ، أنه لا شيء له فيما علف وسقى ، وكذلك الغاصب .
قلت : أتحفظه عن ؟ مالك
قال : لا ، ولكن هذا رأيي .