( قوله ) أما الأول فلحديث وانفراد الإمام على الدكان وعكسه مرفوعا { الحاكم } وعللوه بأنه تشبه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه بأهل الكتاب فإنهم يتخذون لإمامهم دكانا أطلقه فشمل ما إذا كان الدكان قدر قامة الرجل أو دون ذلك وهو ظاهر الرواية وصححه في البدائع لإطلاق النهي وقيده بقدر القامة ونفى الكراهة فيما دونه وقال الطحاوي قاضي خان في شرح الجامع الصغير إنه مقدر بذراع اعتبارا بالسترة وعليه الاعتماد وفي غاية البيان وهو الصحيح وفي فتح القدير وهو المختار لكن قال الأوجه الإطلاق وهو ما يقع به الامتياز لأن الموجب وهو شبه الازدراء يتحقق فيه غير مقتصر على قدر الذراع ا هـ .
فالحاصل أن التصحيح قد اختلف والأولى العمل بظاهر الرواية وإطلاق الحديث وأما عكسه وهو انفراد القوم على الدكان بأن يكون الإمام أسفل فهو مكروه أيضا في ظاهر الرواية
وروى عن أصحابنا أنه لا يكره لأن الموجب للكراهة التشبه الطحاوي بأهل الكتاب ولا تشبه هناك لأن مكان إمامهم لا يكون أسفل وجواب ظاهر الرواية أقرب إلى الصواب لأن كراهة كون المكان أرفع كان معلولا بعلتين التشبه بأهل الكتاب ووجود بعض المفسد وهو اختلاف المكان وهاهنا وجدت إحدى العلتين وهي وجود بعض المخالفة كذا في البدائع ومن المشايخ من علل الكراهة في الثانية بما في ذلك من شبه الازدراء بالإمام ولعله أولى وعلى ما ذكره من عدم الكراهة مشى الطحاوي قاضي خان في فتاويه وعزاه إلى النوادر وقال [ ص: 29 ] وعليه عامة المشايخ ا هـ وهذا كله عند عدم العذر أما عند العذر كما في الجمعة والعيدين فإن القوم يقومون على الرفوف والإمام على الأرض ولم يكره ذلك لضيق المكان كذا في النهاية وذكر في شرح منية المصليفعند وهل يدخل في الحاجة في حق الإمام إرادة تعليم المأمومين أعمال الصلاة وفي حق المأمومين إرادة تبليغ انتقالات الإمام عند اتساع المكان وكثرة المصلين نعم قيل وهو رواية عن الشافعي ا هـ . أبي حنيفة
قيد بالانفراد لأنه لو قام بعض القوم مع الإمام قيل يكره والأصح أنه لا يكره وبه جرت العادة في جوامع المسلمين في أغلب الأمصار كذا في المحيط وذكر في البدائع أن من اعتبر معنى التشبه قال لا يكره وهو قياس رواية لزوال معنى التشبه لأن الطحاوي أهل الكتاب لا يشاركون الإمام في المكان ومن اعتبر وجود بعض المفسد قال يكره وهو قياس ظاهر الرواية لوجود بعض المخالفة في المكان ا هـ وفيه نظر لا يخفى