قال رحمه الله ( ونصف المهر إن لم يطأ ) يعني لو ضمن المكره نصف المهر ; لأن ما عليه كان على شرف السقوط بوقوع الفرقة من جهتها بمعصية كالارتداد وتقبيل ابن الزوج ، وقد تأكد ذلك بالطلاق فكان تقريرا بالمال فيضاف تقريره إلى المكره وكان متلفا له فيرجع به عليه أطلق في الرجوع وهو مقيد بما إذا قال أردت به الإنشاء في الحال كاطلب مني أو قال أردت الإتيان بمطلوبه . أكره على أن يطلق امرأته فطلقها قبل الوطء
أما إذا قال أردت الإخبار كاذبا فيقع قضاء لا ديانة ولا يضمن المكره شيئا ; لأنه عدل عما أكره عليه فكان طائعا في ذلك فلا يصدق قضاء ولا يضمن المكره ; لأنه خالفه هذا إذا كان المهر مسمى وإن لم يكن مسمى فيه فيرجع عليه بما لزمه من المتعة ، ولو رجع بالأقل من قيمة العبد ومن نصف المهر ; لأن الضرر كان يندفع بالأقل ، ولو كان ذلك بعد الدخول لا يجب على المكره شيء ; لأنه لم يتلف عليه شيئا ، ولو أكره على أنه يعتق عبده أو يطلق امرأته ففعل وقع استحسانا والقياس أن لا يصح التوكيل ; لأن الوكالة تبطل بالهزل فكذا مع الإكراه كالبيع وأمثاله وجه الاستحسان أن الإكراه لا يمنع انعقاد البيع ، ولكن يوجب فساده فكذا التوكيل ينعقد مع الإكراه والشروط الفاسدة لا تؤثر في الوكالة ; لأنها من الإسقاطات ويرجع الموكل على المكره بما أتلف عليه ولا ضمان على الوكيل ; لأنه لم يوجد منه إكراه ، ولو أكره على التوكيل بالطلاق أو العتاق فأوقع الوكيل صح ولزم ; لأنه لا يحتمل الفسخ فلا يعمل فيه الإكراه ولا يرجع على المكره بما لزمه ; لأنه لا مطالب له في الدنيا ، وكذا اليمين والظهار ولا يعمل فيهما الإكراه ; لأنهما لا يحتملان الفسخ وسواء كان اليمين على الطاعة أو على المعصية . أكره على النذر
وكذا الرجعة والإيلاء والفيء فيه باللسان ; لأن الرجعة استدامة النكاح فألحقت بالنكاح والإيلاء يمين فألحق باليمين ، ولو لزمه نصف المهر وليس له أن يرجع به على المكره ; لأنه كان متمكنا من الفيء في المدة ، وكذا الخلع ; لأنه طلاق ، ولو بانت بمضي أربعة أشهر ولم يكن دخل بها عتق عليه ولا ضمان على المكره ; لأن العتق حصل باعتبار صنع من جهته وإن أكره على أن يجعل كل مملوك يملكه حرا في المستقبل ففعل ، ثم ملك مملوكا عتق العبد وغرم المكره قيمته ; لأنه لا بد له من هذه الأفعال وكان ملجئا ، ولو أكره على أن يعلق عتق عبده بفعل لا بد له منه نحو أن يقول إن صليت فعبدي حر أو أكلت أو شربت ، ثم فعل المكره هذه الأشياء لم يرجع بذلك على الذي أكره ; لأنه أمره بالخروج عن حق لزمه ، ولو أكره على أن يكفر ففعل عتق وعلى المكره قيمته ; لأنه لمن لم يجب عليه أن يعتق عبدا معينا عن كفارة معينة فهو بالإكراه متعديا عليه ولا يجزيه عن الكفارة ; لأنه في معنى العتق بعوض ، ولو قال أنا أبرئه عن القيمة حتى يجزئ عن الكفارة لم يجز ذلك ; لأن العتق نفذ غير مجزئ عن الكفارة والموجود بعد ذلك إبراء عن الدين وهو لا يتأدى به الكفارة ، ولو قال أعتقته حين أكرهني وأنا أريد به عن الكفارة ، ولو أعتقه بإكراه أجزأه عن الكفارة وليس له أن يرجع بقيمة العبد على المكره ، ولو أكره على عتق عبد عن كفارة ففعل يجب عليه الحد في قول أكره على الزنا فزنى أولا . الإمام
وهو قول ، ثم رجع ، وقال لا يجب عليه الحد إذا أكرهه السلطان وإن أكرهه غيره يجب ، وقالا لا يجب عليه الحد في الوجهين ، وهذا اختلاف عصر وزمان على ما بيناه من قبل وفي موضع سقط الحد ووجب المهر سواء كانت مكرهة على الفعل أو أذنت له بذلك أما الأول فظاهر ; لأنها لم ترض بسقوط حقها ، وأما الثاني ; فلأن إذنها لغو لكونها محجورة عن ذلك شرعا . زفر