( فصل ) هو في اللغة فرق ما بين الشيئين ، وفي الاصطلاح طائفة من المسائل الفقهية تغيرت أحكامها بالنسبة إلى ما قبلها غير مترجمة بالكتاب والباب ( قوله وإذا كبر ) أي تكبيرة الافتتاح قائما كما قدمناه وتقدم أنه يكون شارعا بالنية عند التكبير لا به ، وأن العاجز عن النطق لا يلزمه تحريك اللسان على الصحيح ومن سنن التكبير حذفه كما في البدائع والمحيط ( قوله ورفع يديه حذاء أذنيه ) لما رويناه ولما رواه أراد الدخول في الصلاة وصححه عن الحاكم قال { أنس } وما ورد في حديث رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فحاذى بإبهاميه أذنيه { ابن عمر } فمحمول على حالة العذر حين كانت عليهم الأكسية والبرانس في زمن الشتاء كما أخبر به أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إلى منكبيه رضي الله عنه على ما رواه وائل بن حجر عنه أو المراد بما رويناه : رءوس الأصابع وبالثاني الأكف والأرساغ عملا بالدلائل بالقدر الممكن كما في البدائع واعتمده في فتح القدير ، أطلقه فشمل الرجل والمرأة ، قالوا : لم يذكر حكم رفعها في ظاهر الرواية وروى الطحاوي الحسن عن أنها كالرجل فيه ; لأن كفيها ليستا بعورة وروى أبي حنيفة ابن مقاتل أنها ترفع حذاء منكبيها ; لأنه أستر لها وصححه في الهداية ولا فرق بين الحرة والأمة على الروايتين ، والمراد بالمحاذاة أن يمس بإبهاميه شحمتي أذنيه ليتيقن بمحاذاة يديه بأذنيه كما ذكره في النقاية ولم يبين المصنف وقت الرفع ; لأنه عبر بالواو وهي لمطلق الجمع ، وفيه ثلاثة أقوال : القول الأول أنه يرفع مقارنا للتكبير ، وهو المروي عن قولا والمحكي عن أبي يوسف فعلا واختاره الطحاوي شيخ الإسلام وقاضي خان وصاحب الخلاصة والتحفة والبدائع والمحيط حتى قال البقالي هذا قول أصحابنا جميعا ويشهد له المروي عنه عليه الصلاة والسلام { } وما رواه أنه كان يكبر عند كل خفض ورفع أبو داود { } وفسر أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير قاضي خان المقارنة بأن تكون بداءته عند بداءته وختمه عند ختمه .
القول الثاني : وقته قبل التكبير ، ونسبه في المجمع إلى أبي حنيفة ، وفي غاية البيان إلى عامة علمائنا ، وفي المبسوط إلى أكثر مشايخنا وصححه في الهداية ويشهد له ما في الصحيحين عن ومحمد قال النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } . إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ، ثم كبر
القول الثالث : وقته بعد التكبير فيكبر أولا ، ثم يرفع يديه ويشهد له ما في الصحيح { لمسلم } ورجح في الهداية ما صححه بأن فعله نفى الكبرياء عن غيره تعالى والنفي مقدم على الإيجاب ككلمة الشهادة وأورد عليه أن ذلك في اللفظ فلا يلزم في غيره ، ورد بأنه لم يدع لزومه في غيره ، وإنما الكلام في الأولوية ، ففي الأقوال الثلاثة رواية عنه عليه السلام فيؤنس بأنه صلى الله عليه وسلم فعل كل ذلك ويترجح من بين أفعاله هذه تقديم الرفع بالمعنى المذكور وتحمل ثم في قوله ( ثم رفع ) على الواو ( ومع ) على معنى قبل [ ص: 323 ] ; لأن الظروف ينوب بعضها عن بعض ، وقد يقال : إن تقديم النفي في كلمة الشهادة ضرورة ; لأنه لا يمكن التكلم بالنفي والإثبات معا بخلاف ما نحن فيه : ورواية أنه كان يرفع مع التكبير نص محكم في المقارنة ، ورواية أنه كان يرفع ثم يكبر وعكسه يجوز أن تكون فيه ثم بمعنى الواو ، وهو يصدق على القرآن كالترتيب فيحمل على القرآن جمعا بين الروايات ، وإنما لم يعكس ; لأن المحكم راجح على المحتمل كذا في شرح المنية ، وفيه بحث ; لأن كلمة ، ( ثم ) موضوعة للترتيب مع التراخي واستعمالها بمعنى الواو مجاز فهي ظاهرة في معناها كما أن ( مع ) ظاهرة في القرآن وتكون بمعنى بعد مجازا كما في قوله تعالى { أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى كبر ، ثم رفع يديه إن مع العسر يسرا } وكما في كما ذكره في باب الطلاق فليست محكمة كما توهمه فالمعارضة بين الروايات ثابتة فالترجيح بالمعنى المذكور لا بما ذكره ، وأما التشبيه بكلمة الشهادة فهي من باب التمثيل لا القياس المصطلح عليه ، ولو كبر ولم يرفع يديه حتى فرغ من التكبير لم يأت به لفوات محله وينبغي أن يأتي به على القول الثالث كما لا يخفى ، وإن ذكره في أثناء التكبير رفع ; لأنه لم يفت محله ، وإن لم يمكنه إلى الموضع المسنون رفعهما قدر ما يمكن ، وإن أمكنه رفع أحدهما دون الأخرى رفعها ، وإن لم يمكنه الرفع إلا بالزيادة على المسنون رفعهما كذا ذكره الشارح رحمه الله تعالى . قوله : أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك