( قوله وكذا لم تقبل أطلقهما فشمل ما إذا كان المدعي هو العبد وهو ظاهر لأن مقصوده هو العقد وما إذا كان المدعي هو المولى لأن العتق لا يثبت قبل الأداء فكان المقصود إثبات السبب كما في الهداية وقيل : إن كان المدعي هو المولى لا تفيد بينته لأن العقد غير لازم في حق العبد لتمكنه من الفسخ بالتعجيز وأطلق الخلع وهو مقيد بما إذا كانت المرأة هي المدعية للخلع لأن مقصودها إثبات السبب دون المال فلا يثبت مع اختلافهما فيه كالبيع بخلاف دعوى الدين فإن المقصود منه المال وإن كان المدعي هو الزوج وقع الطلاق بإقراره فيكون دعوى دين فيثبت الأقل وهو ما اتفقا عليه وأشار بالكتابة والخلع إلى كل عقد شابههما وهو الصلح عن دم العمد والعتق على مال والرهن ففي الصلح لا بد أن يكون المدعي هو القاتل وفي الإعتاق لا بد من كون المدعي العبد لأن المقصود إثبات العقد والحاجة ماسة إليه فإن كانت الدعوى من الجانب الآخر فهو بمنزلة دعوى الدين فيما ذكرنا من الوجوه لثبوت العفو والعتق باعتراف صاحب الحق فبقي الدعوى في الدين . الكتابة والخلع ) يعني إذا اختلف الشاهدان في مقدار البدل فيهما
فإن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم يقض بشيء عنده وعندهما يقضى بالأقل وإن شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة يقضى بألف اتفاقا وأما في الرهن فإن كان المدعي هو الراهن لم تقبل لأنه لا حظ له في الرهن بعدم لزومه في حق المرتهن فعريت الشهادة عن الدعوى وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين وصوره الشارح بأن يدعي أنه رهنه ألفا وخمسمائة وادعى أنه قبضه ثم أخذه الراهن فطلب الاسترداد منه فأقام بينة فشهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة فإنه يثبت أقلهما ا هـ .
وهذه صورة دعوى العقد فينبغي أن لا تقبل أصلا ولم يذكر صورة دعوى الدين وصوره في فتح القدير بأن يقول المرتهن : أطالبه بألف وخمسمائة لي عليه على رهن له عندي وظاهر الهداية أن الرهن إنما هو من قبيل دعوى الدين وتعقبه في العناية تبعا للنهاية بأن عقد الرهن بألف غيره بألف وخمسمائة فيجب أن لا تقبل البينة وإن كان المدعي هو المرتهن لأنه كذب أحد شاهديه وأجيب بأن العقد غير لازم في حق المرتهن حيث كان له ولاية الرد متى شاء فكأنه في حكم العدم فكان الاعتبار لدعوى الدين لأن الرهن لا يكون إلا بدين فتقبل البينة كما في سائر الديون ويثبت الرهن بالألف ضمنا وتبعا ا هـ .
ولم يذكر المؤلف الإجارة لكن أشار بالبيع إليها ولذا قال في الهداية إن كان ذلك في أول المدة فهو نظير البيع وإن كان بعد مضي المدة والمدعي هو الآجر فهو دعوى الدين . ا هـ .
قيد بكون المدعي هو الآجر للاحتراز عما إذا كان المدعي هو المستأجر فهو دعوى العقد بالإجماع لأنه معترف بمال الإجارة فيقضى عليه بما اعترف به فلا يعتبر اتفاق الشاهدين أو اختلافهما فيه ولا يثبت العقد للاختلاف كذا في فتح القدير وحاصله أن بعضهم قال : إن كان ذلك اعترافا منه بمال الإجارة فيجب ما اعترف به ولا حاجة إلى الشهود لأنه إن أقر بالأكثر فلا يبقى نزاع وإن أقر بالأقل فالآجر لا يأخذ منه ببينة سوى ذلك كذا في النهاية وفي بعض الشروح فإن كان .
[ ص: 118 ] الدعوى من المستأجر فهذا دعوى العقد بالإجماع قال في العناية : وهو في معنى الأول لأن الدعوى إذا كانت في العقد بطلت الشهادة فيؤخذ المستأجر باعترافه ا هـ .
وفي جامع الفصولين لم يجز ا هـ . شهدا برهن ولم يعلما قدر الدين
ولم أر صريحا حكم الصلح عن المال وإنما سكتوا للعلم به من الصلح فإنه إن كان بمال عن إقرار كان بيعا وقد علم حكمه وإن كان بمنافع كان إجارة وقد علم حكمها ولم يذكروا اختلافهما في الكفالة والحوالة ولا يتصور الدعوى بها إلا من الطالب والظاهر أنها من قبيل دعوى الدين فإذا اختلفا في مقدار المكفول به قضي بالأقل ولا تتصور في الحوالة إلا من المحتال وهي كالكفالة ( قوله فأما في النكاح فيصح بألف ) استحسانا وقالا : هي باطلة أيضا لأنه اختلاف في العقد لأن المقصود من الجانبين السبب فأشبه البيع أن المال في النكاح تابع والأصل فيه الحل والازدواج والملك ولا اختلاف فيما هو الأصل فيثبت فإذا وقع الاختلاف في البيع يقضى بالأقل لاتفاقهما عليه أطلقه فشمل ما إذا ادعت أقل المالين وأكثرهما وهو الصحيح وشمل ما إذا كان المدعي الزوج أو المرأة وهو الأصح كما في الهداية وقيل : الاختلاف فيما إذا كانت هي المدعية وفيما إذا كان المدعي هو الزوج فالإجماع على عدم قبولها لأن مقصودها قد يكون المال ومقصوده ليس إلا العقد وصححه في الفوائد كما في النهاية . ولأبي حنيفة
[ ص: 117 ]