( قوله : كالعصر مثلا ) لاختلاف الفروض فلا بد من التعيين لقوله عليه الصلاة والسلام { وللفرض شرط تعيينه } أطلقه فشمل ما إذا قرن باليوم كعصر اليوم سواء خرج الوقت أو لا لأن غايته أنه قضاء بنية الأداء وهو جائز على الصحيح يدل على هذا مسألة الأسير إذا اشتبه عليه رمضان فتحرى شهرا وصام فوقع صومه بعد رمضان وهذا قضاء بنية الأداء ، كذا في الظهيرية وشمل ما إذا قرن بالوقت كعصر الوقت أو فرض الوقت وقيدهما في فتح القدير بعدم خروج الوقت ، فإن خرج ونسيه لا يجزئه في الصحيح وجعل هذا القيد الشارح قيدا في فرض الوقت فقط معللا بأن فرض الوقت في هذه الحالة غير الظهر [ ص: 295 ] فينبغي أن تكون نية عصر الوقت صحيحة وإن خرج الوقت ويكون الوقت كاليوم كما لا يخفى ويستثنى من فرض الوقت الجمعة فإنها بدل فرض الوقت لا نفسه فلا تصح الجمعة بنية فرض الوقت إلا أن يكون اعتقاده أنها فرض الوقت ، وشمل ما إذا ، وإنما لكل امرئ ما نوى وفيه خلاف ففي الظهيرية لو نوى الظهر لا يجوز ; لأن هذا الوقت كما يقبل ظهر هذا اليوم يقبل ظهرا آخر وقيل يجوز وهو الصحيح ; لأن الوقت متعين له هذا إذا كان مؤديا ، فإن كان قاضيا ، فإن صلى بعد خروج الوقت وهو لا يعلم بخروج الوقت فنوى الظهر لا يجوز أيضا وذكر نوى العصر بلا قيد شمس الأئمة ينوي صلاة عليه ، فإن كانت وقتية فهي عليه وإن كان قضاء فهي عليه أيضا . ا هـ .
وهكذا صححه في فتح القدير معزيا إلى فتاوى العتابي لكن جزم في الخلاصة بعدم الجواز وصححه السراج الهندي في شرح المغني فاختلف التصحيح كما ترى وينبغي في مسألة شمس الأئمة أن لا يكون عليه صلاة غيرها وإلا فلا تعيين وأفاد أنه لو نوى شيئين فإنه [ ص: 296 ] لا يصح فلو كما إذا فاتته الظهر فنوى في وقت العصر الظهر والعصر فإنه لا يصير شارعا في واحدة منهما وفي منية المصلي ولو نوى مكتوبتين فهي التي دخل وقتها وعلل له في المحيط بأن الوقتية واجبة للحال وغيرها لا . ا هـ . وهو يفيد أنه ليس بصاحب ترتيب وإلا فالفائتة أولى كما لا يخفى وفي المنية أيضا لو نوى فائتة ووقتية فهي للفائتة إلا أن يكون في آخر وقت الوقتية . ا هـ . نوى فائتة ووقتية
وهو مخالف للأول وأفاد في الظهيرية أن فيها روايتين ولو جمع بين مكتوبتين فائتتين فمقتضاه أنه لا يصح لكن في الخلاصة أنه يكون للأولى منهما وأقره في فتح القدير وعلل له في المحيط بأن الثانية [ ص: 297 ] لا تجوز إلا بعد قضاء الأولى وهو إنما يتم فيما إذا كان الترتيب بينهما واجبا ولو نوى الفرض والتطوع جاز عن الفرض عند ; لأن الفرض أقوى من النفل فلا يعارضه فتلغو نية النفل وتبقى نية الفرض وقال أبي يوسف لا يكون داخلا في الصلاة أصلا لتعارض الوصفين ولو محمد بعضهم جوزوا ذلك ورجحوا نية الجمعة بحكم الاقتداء ولو نوى الظهر والجمعة جميعا فهي عن المكتوبة ولو نوى مكتوبة وصلاة جنازة فهي نافلة ، كذا في الظهيرية وأطلق نية التعيين فشمل الفوائت أيضا فلذا قال في الظهيرية ولو نوى نافلة وصلاة جنازة أيضا ظهر يوم كذا ، فإن أراد تسهيل الأمر ينوي أول ظهر عليه أو آخر ظهر عليه فرق بين الصلاة والصوم ففي الصوم لو كان عليه قضاء يومين فقضى يوما ولم يعين جاز ; لأن في الصوم السبب واحد وهو الشهر فكان الواجب عليه إكمال العدد ، أما في الصلاة فالسبب مختلف وهو الوقت وباختلاف السبب يختلف الواجب فلا بد من التعيين حتى لو كان عليه قضاء يومين من رمضانين يحتاج إلى التعيين . ا هـ . كانت الفوائت كثيرة فاشتغل بالقضاء يحتاج إلى تعيين الظهر أو العصر وينوي
ويتفرع على اشتراط التعيين للفرائض ما قاله رحمه الله في أبو حنيفة فإنه يصلي صلاة كل اليوم حتى يخرج عما عليه ويتفرع أيضا ما في الظهيرية رجل فاتته صلاة من يوم واشتبهت أنها أية صلاة لا يجوز وعليه قضاؤها ; لأنه لم ينو الفرض وكذا إذا علم أن منها فريضة ومنها سنة لكن لم يعلم الفريضة من السنة ، فإن نوى الفريضة في الكل جاز وإن كان لا يعلم أن بعضها فريضة وبعضها سنة فصلى مع الإمام ونوى صلاة الإمام جازت ، فإن كان يعلم الفرائض من السنن لكن لا يعلم ما في الصلاة من الفرائض والسنن جازت صلاته أيضا ، فإن أم هذا الرجل غيره وهو لا يعلم الفرائض من النوافل فصلى ونوى الفرض في الكل جازت صلاته ، أما صلاة القوم فكل صلاة ليست لها سنة قبلها كصلاة العصر والمغرب والعشاء يجوز أيضا وكل صلاة قبلها سنة مثلها كصلاة الفجر والظهر لا تجوز صلاة القوم . ا هـ . رجل لم يعرف أن الصلاة الخمس فرض على العباد إلا أنه كان يصليها في مواقيتها
وأراد المصنف بالفرض الفرض العملي فيشمل الواجب فيدخل فيه قضاء ما شرع فيه من النفل ، ثم أفسده والنذر والوتر وصلاة العيدين وركعتا الطواف فلا بد من التعيين لإسقاط الواجب عنه وقالوا : إنه لا ينوي فيه أنه واجب للاختلاف فيه وفي القنية من سجود التلاوة لا تجب نية التعيين في السجدات . ا هـ .
وأما نية التعيين لسجدة التلاوة فلا بد منه لدفع المزاحم من سجدة الشكر والسهو وأراد باشتراط التعيين وجوده عند الشروع فقط حتى لو نوى فرضا وشرع فيه ، ثم نسي فظنه تطوعا فأتمه على أنه تطوع فهو فرض مسقط ; لأن النية المعتبرة إنما يشترط قرانها بالجزء الأول ومثله إذا شرع بنية التطوع فأتمها على ظن المكتوبة فهي تطوع بخلاف ما لو كبر حين شك ينوي التطوع في [ ص: 298 ] الأول أو المكتوبة في الثاني حيث يصير خارجا إلى ما نوى ثانيا لقران النية بالتكبير وسيأتي في المفسدات ، وقد علم مما ذكره أنه لا بد من قطع النية لصحة المنوي فلو ردد لا يصح وهو ظاهر وقيد بنية التعيين ; لأن نية عدد الركعات ليست بشرط في الفرض والواجب ; لأن قصد التعيين مغن عنه ولو نوى الظهر ثلاثا والفجر أربعا جاز ، وقد علم مما قدمناه من أنه لا معتبر باللسان أنه لو نوى الظهر وتلفظ بالعصر فإنه يكون شارعا في الظهر كما صرحوا به .