الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( وتبطل بموت المطلوب والكفيل لا الطالب ) لعجزه عن إحضاره له بعد موته ، وكذا بعد موت الكفيل ووارثهما لا يقوم مقامهما ; لأن الخليفة فيما له لا فيما عليه وماله لا يصلح لإيفاء هذا الحق وهو إحضار المكفول به وقد تبع المصنف صاحب الهداية في بطلانها بموت الكفيل ، وفي الكرخي في باب الصلح عن الحقوق التي ليست بمال أنها لا تبطل بموت الكفيل ويطالب وارثه بإحضاره ، كذا في السراج الوهاج قيد بالكفالة بالنفس لأن الكفيل بالمال إذا مات لا تبطل ; لأن حكمها بعد موته ممكن فيوفى من ماله ثم ترجع الورثة على المكفول عنه إن كانت بأمره وكان الدين حالا ، فإن كان مؤجلا لا رجوع لهم حتى يحل الأجل وإلا فلا كأدائه بنفسه ، وأما موت الطالب فلا يبطلها ; لأن وصيه ووارثه يخلفونه ، أطلق المطلوب فشمل العبد لكن في الخلاصة لو كفل بنفس العبد فمات العبد برئ الكفيل إن كان المدعى به المال على العبد وإن كان المدعى به نفس العبد لا يبرأ وضمن قيمته . ا هـ .

                                                                                        وأشار باقتصاره في بطلانها على موت المطلوب والكفيل إلى أنها لا تبطل بإبراء الأصيل لما في البزازية ، ولو كفل بنفس ثم أقر الطالب أنه لا حق له قبل المكفول به له أن يأخذ الكفيل بتسليمه ولا يبرأ ، ولو قال الطالب لا حق لي قبل المكفول به لا من جهته ولا من جهة غيره لا بوكالة ولا بوصاية ولا بولاية برئ من الكفالة . ا هـ .

                                                                                        فقولهم براءة الأصيل توجب براءة الكفيل إنما هو في الكفالة بالمال ، اللهم إلا أن يقال : إن صورة براءة الأصيل فيما إذا كانت الكفالة بالنفس أن يقول ما ذكره فحينئذ الكلام على عمومه ، وفي السراج الوهاج إذا مات المكفول له لم تبطل ويسلمه الكفيل إلى ورثته فإن سلمه إلى بعضهم برئ منهم خاصة وللباقين مطالبته بإحضاره فإن كانوا صغارا فلوصيهم مطالبته بإحضاره فإن سلمه إلى أحد الوصيين برئ في حقه وللآخر مطالبته ، كذا في الينابيع . ا هـ .

                                                                                        ومن الغريب ما في منظومة ابن وهبان وعزاه في الشرح إلى النتف أنها تبطل بموت الطالب والمعروف في المذهب خلافه وفي فروق الكرابيسي الكفالة على الكفالة جائزة وبموت الأصيل يبطلان وبموت الكفيل الأول يبرأ الثاني والحوالة بعد الحوالة تبطل الحوالة الأولى ; لأن الكفالة للتوثق والثانية تزيده والحوالة نفل وهما لا يجتمعان . ا هـ . .

                                                                                        [ ص: 230 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 230 ] ( قوله : الكفالة على الكفالة جائزة إلخ ) تقدم هذا موضحا عن الخانية قبيل قول المصنف بكفلت بنفسه .




                                                                                        الخدمات العلمية