( قوله : كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب ) والقياس أن يحنث كما فرع ; لأنه باشر فعلا مباحا وهو التنفس ونحوه وهذا قول وجه الاستحسان أن المقصود وهو البر لا يحصل مع اعتبار العموم وإذا سقط اعتباره ينصرف إلى الطعام والشراب للعرف فإنه يستعمل فيما يتناول عادة فيحنث إذا أكل ، أو شرب ولا يتناول المرأة إلا بالنية فلا يحنث بجماع زوجته لإسقاط اعتبار العموم وإذا نواها كان إيلاء ولا تصرف اليمين عن المأكول والمشروب وهذا كله جواب ظاهر الرواية كذا في الهداية مع أن عبارة زفر الحاكم في الكافي إذا سئل عن نيته فإن نوى يمينا فهو يمين يكفرها ولا تدخل امرأته في ذلك إلا أن ينوي فإن نواها دخلت فإن أكل أو شرب ، أو قرب امرأته حنث وسقط عنه الإيلاء ، وإن لم يكن له نية فهو يمين يكفرها لا تدخل امرأته فيها ولو نوى به الطلاق فالقول فيه كالقول في الحرام أي يصح ما نوى ، وإن نوى الكذب فهو كذب ا هـ . قال الرجل كل حل علي حرام
تقتضي أن الأمر موقوف على النية وأنه لو نوى الكذب لا يلزمه شيء وهو غير مستفاد من عبارة الهداية كما لا يخفى . ( قوله : والفتوى على أنه تبين امرأته من غير نية ) لغلبة الاستعمال كذا في الهداية ، وإن لم تكن له امرأة ذكر في النهاية معزيا إلى النوازل أنه يحنث وعليه الكفارة ا هـ .
يعني : إذا أكل ، أو شرب لانصرافه عند [ ص: 319 ] عدم الزوجة إلى الطعام والشراب لا كما يفهم من ظاهر العبارة .
وقال البزدوي في مبسوطه هكذا قال بعض مشايخ سمرقند ولم يتضح لي عرف الناس في هذا ; لأن من لا امرأة له يحلف به كما يحلف ذو الحليلة ولو كان العرف مستفيضا في ذلك لما استعمله إلا ذو الحليلة فالصحيح أن يقيد الجواب في هذا فنقول إن نوى الطلاق يكون طلاقا فأما من غير دلالة فالاحتياط أن يقف الإنسان فيه ولا يخالف المتقدمين واعلم أن مثل هذا اللفظ لم يتعارف في ديارنا بل المتعارف فيه حرام علي كلامك ونحوه كأكل كذا ولبسه دون الصيغة العامة وتعارفوا أيضا الحرام يلزمني ولا شك في أنهم يريدون الطلاق معلقا فإنهم يزيدون بعده لا أفعل كذا ولأفعلن وهو مثل تعارفهم " الطلاق يلزمني لا أفعل كذا " فإنه يراد إن فعلت كذا فهي طالق ويجب إمضاؤه عليهم .
والحاصل أن المعتبر في انصراف هذه الألفاظ عربية كانت ، أو فارسية إلى معنى بلا نية التعارف فيه فإن لم يتعارف سئل عن نيته وفيما ينصرف بلا نية لو قال أردت غيره لا يصدقه القاضي وفيما بينه وبين الله تعالى هو مصدق هكذا قال في فتح القدير .
والحاصل أنه على ظاهر الرواية يحنث بالأكل والشرب فقط ولا يقع عليه طلاق وعلى المفتى به إن لم يكن له امرأة فكذلك ، وإن كان له امرأة وقع الطلاق عليها ولا يحنث بالأكل والشرب ، وفي الظهيرية : رجل قال : كل حل علي حرام ، أو قال : كل حلال علي حرام ، أو قال حلال الله ، أو قال حلال المسلمين وله امرأة ولم ينو شيئا قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل والفقيه أبو جعفر وأبو بكر الإسكاف وأبو بكر بن سعيد تبين امرأته بتطليقة وإن نوى ثلاثا فثلاث .
وإن قال : لم أنو الطلاق لا يصدق قضاء ; لأنه صار طلاقا عرفا ولهذا لا يحلف به إلا الرجال فإن كان له امرأة واحدة تبين بتطليقة ، وإن كن ثلاثا ، أو أربعا يقع على كل واحدة واحدة بائنة ، وإن حلف بهذا اللفظ إن كان فعل كذا وقد كان فعل وله امرأة واحدة أو أكثر بن جميعا ، وإن لم يكن له امرأة لا يلزمه شيء ; لأنه جعل يمينا بالطلاق ولو جعلناه يمينا بالله فهو غموس وإن حلف بهذا على أمر في المستقبل ففعل ذلك ليس له امرأة كان عليه الكفارة لأن تحريم الحلال يمين ، وإن كان له امرأة وقت اليمين فماتت قبل الشرط ، أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط لا تلزمه الكفارة ; لأن يمينه انصرف إلى الطلاق وقت وجودها وإن لم تكن له امرأة وقت اليمين ، ثم تزوج امرأة ثم باشر الشرط اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر : تبين المتزوجة وقال غيره : لا تبين وبه أخذ وعليه الفتوى لأن يمينه جعل يمينا بالله تعالى وقت [ ص: 320 ] وجودها فلا يكون طلاقا بعد ذلك ا هـ . الفقيه أبو الليث
وقيد بصيغة العموم لأنه لو قال لزوجته أنت علي حرام فقد قدم في باب الإيلاء أنه ينصرف للزوجة فتطلق من غير نية .