( قوله والمعتدة إن جحدت ولادتها بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو حبل ظاهر أو إقرار به أو تصديق الورثة ) أي : فلا يثبت بشهادة امرأة واحدة عند ويثبت نسب ولد المعتدة إن جحدت ولادتها بأحد أمور أربعة خلافا لهما ; لأن الفراش قائم بقيام العدة وهو ملزم للنسب والحاجة إلى تعيين الولد فيه فيتعين بشهادتها وله أن العدة تنقضي بإقرارها بوضع الحمل والمنقضي ليس بحجة فمست الحاجة إلى إثبات النسب ابتداء فيشترط كمال الحجة وإنما اكتفي بظهور الحبل أو الاعتراف به ; لأن النسب ثابت قبل الولادة والتعيين يثبت بشهادتها وإنما اكتفي بتصديق الورثة إذا كانت معتدة عن وفاة فصدقها الورثة في الولادة ولم يشهد أحد عليها في قولهم جميعا ; لأن الإرث خالص حقهم فيقبل فيه تصديقهم . أبي حنيفة
وأما في النسب فظاهر المختصر أنه يثبت في حق غيرهم أيضا ; لأن الثبوت في حق غيرهم تبع للثبوت في حقهم ولذا كان الأصح أنه لا يشترط في تصديقهم لفظ الشهادة في مجلس الحكم ولذا عبر في المختصر بلفظ التصديق دون الشهادة ; لأن ما ثبت تبعا لا تراعى فيه الشرائط وقيل يشترط ليتعدى إلى غير المصدق وقيد بأن يكون المصدق جمعا من الورثة ; لأن المصدق لو كان رجلا أو امرأة لم يشارك جميع الورثة ولو صدقها رجل وامرأتان منهم شارك المصدقين والمكذبين فكان ذلك كشهادة غيرهم إلا أنهم لم يعتبروا لفظ الشهادة والخصومة بين يدي القاضي ; لأنه يشبه الإقرار ; لأنه يشاركهم بإقرارهم فمن حيث إنه يشبه الشهادة اعتبر العدد ومن حيث إنه يشبه الإقرار ما اعتبرنا الخصومة وإتيان لفظ الشهادة توفيرا على الشبهين حظهما كذا في شرح الجامع الصغير لابن بندار وحاصله أنه يشترط أحد شرطي الشهادة في تصديقهم وهو العدد نظرا إلى أنه شهادة ولم يشترط لفظ الشهادة وينبغي أن لا تشترط العدالة أيضا وعلى هذا لو قال المصنف وتصديق ورثة بالتنكير لكان أولى ; لأن الألف واللام أبطلت معنى الجمعية كما في قوله لا أشتري العبيد ولا أتزوج [ ص: 175 ] النساء لكن ذكر في البدائع أن العدد إنما اشترطه من جعلها شهادة كما اشترط لفظها ومن جعل التصديق إقرارا فلم يشترط لفظها ولم يشترط العدد أيضا وعبارة فتاوى قاضي خان يثبت نسب الولد من الميت في حق من صدقها وهل يثبت النسب في حق غيرهم إن كان يتم نصاب الشهادة بهم يثبت واختلفوا في اشتراط لفظ الشهادة ا هـ . امرأة ولدت بعد موت زوجها ما بينها وبين سنتين إن صدقها الورثة في الولادة
وظاهره أن العدد لا بد منه ليتعدى في حق الكل عند الكل وأطلق في المعتدة فشمل المعتدة عن طلاق رجعي أو بائن والمعتدة عن وفاة كما صرح به في غاية البيان معزيا إلى فخر الإسلام وقيدها الإمام السرخسي بالطلاق البائن والحق التفصيل في فكالمعتدة عن طلاق بائن لانقضاء فراشها بالولادة وإن أتت به لأكثر من سنتين يثبت نسب ولدها بشهادة القابلة من غير زيادة شيء اتفاقا كما في المنكوحة ; لأن الفراش ليس بمنتقض في حقها ; لأنها تكون رجعة كما قدمناه وصرح في البدائع بأنه لا فرق بين الرجعي والبائن إلا أنه علل بما يخص الأول بقوله ; لأنها بعد انقضاء العدة أجنبية في الفصلين جميعا . المعتدة عن طلاق رجعي إن أتت به لأقل من سنتين
وقيد المصنف بقوله إن جحدت ولادتها ; لأنه لو فإنه يثبت تعيينه بشهادة القابلة إجماعا ولا يثبت نسب الولد إلا بشهادتها إجماعا لاحتمال أن يكون هو غير هذا المعين وظاهر كلام اعترف بولادتها وأنكر تعيين الولد المصنف أنه لا يحتاج إلى شهادة القابلة مع ظهور الحبل أو اعتراف الزوج بالحبل وقد صرح به في البدائع فقال : وإن كان الزوج قد أقر بالحبل أو كان الحبل ظاهرا فالقول قولها في الولادة وإن لم تشهد لها قابلة في قول وعندهما لا تثبت الولادة بدون شهادة القابلة . أبي حنيفة
وهكذا صرح في الغاية وأنكر على صاحب ملتقى البحار في اشتراطه شهادة القابلة لتعيين الولد عند ورده في التبيين بأنه سهو فإن شهادة القابلة لا بد منها لتعيين الولد إجماعا في جميع هذه الصور وإنما الخلاف في ثبوت نفس الولادة ، وأما نسب الولد فلا يثبت بالإجماع إلا بشهادة القابلة لاحتمال أن يكون هو غير هذا المعين وثمرة الاختلاف لا تظهر إلا في حق حكم آخر كالطلاق والعتاق بأن علقهما بولادتها حتى يقع عند أبي حنيفة بقولها ولدت ; لأنها أمينة لاعترافه بالحبل أو لظهوره فيقبل قولها وعندهما لا يقع حتى تشهد قابلة ا هـ . أبي حنيفة
وذكر ابن بندار أنه بعد الثبوت بقيت مؤتمنة فكان القول قولها إلا أن القابلة جعلت شرطا للعادة ; لأنها لا تلد إلا بالقابلة وإني أقول : إن القابلة شرط زوال التهمة كاليمين في رد الوديعة واليمين في دعوى انقضاء العدة ، فإذا لم تشهد قابلة بقيت متهمة فلا يقبل قولها فيه ا هـ .
كلامه وهو يصلح توفيقا لكلامهم فمن نفى اشتراط [ ص: 176 ] شهادة القابلة أفاد أنها ليست شرطا حقيقة لثبوت النسب ومن أثبته أراد به أنها شرط لزوال التهمة عن نفسها وهو كلام حسن يجب قبوله وأفاد بقوله شهادة رجلين قبول شهادة الرجال على الولادة من الأجنبية وأنهم لا يفسقون بالنظر إلى عورتها إما لكونه قد يتفق ذلك من غير قصد نظر ولا تعمد أو لضرورة كما في شهود الزنا ولا يخفى أنها إذا فلا بد من إقامة البينة عليه إما رجلين أو رجل وامرأتين فظهور الحبل عند الإنكار إنما يكون بإقامة البينة ; لأن الحبل وقت المنازعة لم يكن موجودا حتى يكفي ظهوره ; لأنها بعد الولادة ولم أر من صرح به . ولدت وجحد الزوج ولادتها وادعت أن حبلها كان ظاهرا وأنكر ظهوره
[ ص: 174 ]