( فصل ) في الإحداد فيه لغتان : أحدت إحدادا فهي محد ومحدة إذا تركت الزينة لموته ، وحدت المرأة على زوجها تحد وتحد حدادا بالكسر فهي حاد بغيرها وأنكر الثلاثي واقتصر على الرباعي كذا في المصباح ، وفي القاموس والحاد والمحد تاركة الزينة للعدة حدت تحد وتحد حدادا وأحدت ا هـ . الأصمعي
وفي الشريعة ترك الزينة ونحوها من معتدة بطلاق بائن أو موت ( قوله [ ص: 163 ] تحد معتدة البت والموت بترك الزينة والطيب والكحل والدهن إلا بعذر والحناء ولبس المزعفر والمعصفر إن ) أي : تحد المبانة والمتوفى عنها زوجها بترك ما ذكر أطلقه فشمل الطلاق واحدة أو أكثر والفرقة كما في الخانية وعبر بالإخبار عن فعلها لإفادة أنه واجب عليها للحديث الصحيح { كانت مسلمة بالغة } وتعقب بأنه لا دليل فيه على الإيجاب ; لأن حاصله استثناؤه من نفي الحل فيفيد ثبوت الحل ولا كلام فيه فالأولى الاستدلال بالرواية الأخرى { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا } فصرح بالنهي في تفصيل معنى ترك الإحداد ولا خلاف في عدم وجوبه على المرأة بسبب غير الزوج من الأقارب وهل يباح . إلا على زوجها فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا
قال في النوادر لا يحل الإحداد لمن مات أبوها أو ابنها أو أخوها أو أمها وإنما هو في الزوج خاصة قيل : أراد بذلك فيما زاد على الثلاث لما في الحديث من إباحته للمسلمات على غير أزواجهن ثلاثة أيام كذا في فتح القدير ، وفي التتارخانية سئل محمد أبو الفضل عن فقال : لا وسئل عنها المرأة يموت زوجها أو أبوها أو غيرهما من الأقارب فتصبغ ثوبها أسود فتلبسه شهرين أو ثلاثة أو أربعة تأسفا على الميت أتعذر في ذلك ؟ علي بن أحمد فقال لا تعذر وهي آثمة إلا الزوجة في حق زوجها فإنها تعذر إلى ثلاثة أيام ا هـ .
وظاهره منعها من لبس السواد تأسفا على موت زوجها أكثر من الثلاث وقيد بالبت ; لأن لا حداد عليها وينبغي أنها لو المطلقة رجعيا له أن يمنعها ; لأن الزينة حقه حتى كان له أن يضربها على تركها إذا امتنعت وهو يريدها ، وهذا الإحداد مباح لها لا واجب وبه يفوت حقه كذا في فتح القدير وفي التتارخانية ويستحب لها تركه ولما وجب في الموت إظهارا للتأسف على فوات نعمة النكاح فوجب على المبتوتة إلحاقا لها بالمتوفى عنها زوجها بالأولى ; لأن الموت أقطع من الإبانة ولهذا تغسله ميتا قبل الإبانة لا بعدها وأطلق في ترك الطيب فلا تحضر عمله ولا تتجر فيه وإن لم يكن لها كسب إلا فيه ودخل في الزينة الامتشاط بمشط أسنانه ضيقة لا الواسعة كما في المبسوط وشمل لبس الحرير بجميع أنواعه وألوانه ، ولو أسود وجميع أنواع الحلي من ذهب وفضة وجواهر زاد في التتارخانية القصب . أرادت أن تحد على قرابة ثلاثة أيام ولها زوج
وقوله : " إلا بعذر " متعلق بالجميع لا بالدهن وحده فلها ولها الاكتحال للضرورة ، ولو أخر الاستثناء عن الجميع لكان أولى لجواز لبس الحرير للحكة والقمل إذا لم تجد غيره لوجوب ستر العورة وذكر الدهن بعد الطيب ليفيد حرمته وإن لم يكن مطيبا كالزيت الخالص منه والشيرج والسمن ، وفي المجتبى ، ولو لبس المعصفر والمزعفر ، فإن كان أمرا ظاهرا يباح لها ا هـ . اعتادت الدهن فخافت وجعا
ويستثنى من المعصفر والمزعفر الخلق الذي لا رائحة له فإنه جائز كما في الهداية وقيد بإسلامها مع بلوغها ; لأنه وقدمنا معنى وجوب العدة عليهما ولم يقيد بالعقل مع أنه لا حداد على كافرة ولا صغيرة للاكتفاء بما يخرج الصغيرة ; لأن عدمه عليها ليس إلا لعدم تكليفها والمجنونة مثلها في ذلك ولهذا قال لا حداد على مجنونة الإسبيجابي رحمه الله تعالى الأصل أن كل معتدة مخاطبة فارقت فراش زوج حلال يجب عليها الإحداد وإلا فلا ا هـ .
ولم يقيد بالحرية لوجوبه على الأمة المنكوحة لكونها مكلفة بحقوق الشرع ما لم يفت به حق العبد ولهذا لا يحرم عليها الخروج إلا إذا كانت في بيت الزوج وقت الطلاق ولم يخرجها المولى ويحل إن أخرجها والمدبرة والمكاتبة والمستسعاة كالقنة ، ولو لزمها الإحداد فيما بقي من العدة كذا في الجوهرة [ ص: 164 ] وينبغي كذلك لو بلغت الصغيرة أو أفاقت المجنونة ; إذ لا فرق واقتصاره على ترك ما ذكر يفيد جواز دخول الحمام لها ونقل في المعراج أن عندهم لها أن تدخل الحمام وتغسل رأسها بالخطمي والسدر وفيه أن الحداد حق الشرع حتى لو أمرها الزوج بتركه لم يحل لها . أسلمت الكافرة في العدة