( قوله وللحامل وضعه ) أي : وضع الحمل لقوله تعالى { وعدة الحامل وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } أطلقها فشمل الحرة والأمة المسلمة والكتابية مطلقة أو متاركة في النكاح الفاسد أو وطء بشبهة والمتوفى عنها زوجها لإطلاق الآية وقال رضي الله عنه من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد التي في البقرة يريد بالقصرى { ابن مسعود يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } وبالطولى { والذين يتوفون منكم } الآية والمباهلة الملاعنة ، وفي رواية من شاء لاعنته ، وفي رواية حالفته وكانوا إذا اختلفوا في أمر يقولون لعنة الله على الكاذب منا قالوا وهي مشروعة في زماننا كما في غاية البيان وفتح القدير .
وقال رضي الله عنه : لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها ويحل لها أن تتزوج وعن عمر علي رضي الله عنهم تعتد الحامل المتوفى عنها زوجها بأبعد الأجلين يعني لا بد من وضع الحمل ومضي أربعة أشهر وعشر هذا معنى أبعد الأجلين وفي التفسير الكبير للإمام وابن عباس أن الرازي لم يقل إن آية القصرى مخصصة لآية الطولى لوجهين الأول أن كل واحدة من هاتين الآيتين أعم من الأخرى من وجه وأخص منها من وجه فإن الحامل قد يتوفى عنها زوجها وقد لا يتوفى والمتوفى عنها زوجها قد تكون حاملا وقد لا تكون فامتنع أن تكون إحداهما مخصصة للأخرى الثاني أن قوله تعالى { الشافعي وأولات الأحمال أجلهن } إنما ورد بعد ذكر المطلقات فربما كانت في المطلقة فلهذين السببين لم يعول رحمه الله على القرآن وإنما عول على السنة وهو حديث الشافعي سبيعة الأسلمية ا هـ .
وحاصل ما في التلويح أنهما متعارضان في حق الحامل والمتوفى عنها زوجها فعلى رأي من عدم معرفة التاريخ يثبت حكم التعارض بقدر ما تعارضا فيه فرجعنا إلى السنة وعلى رأي علي القائل بتأخر القصرى كانت القصرى ناسخة للطولى فيما تعارضا فيه وهي الحامل المتوفى عنها زوجها فقط ا هـ . ابن مسعود
ما في التلويح هنا وليس معناه كما قلناه في زوجة الفار وقد سها صاحب المعراج ففسر أبعد الأجلين المروي عن [ ص: 146 ] رضي الله عنه بأربعة أشهر وعشر فيها ثلاث حيض ونقله عن فتاوى علي قاضي خان وإنما هذا في وإنه لا دخل للحيض في عدة الحامل أصلا ولهذا قال في المحيط عن عدة امرأة الفار تعتد بأبعد الأجلين وهما الأشهر ووضع الحمل وهكذا في فتح القدير وإنما قالا بذلك لعدم علمهما بالتاريخ فكان ذلك أحوط وعامة الصحابة رضي الله عنهم لما علموا التاريخ قالوا بوضع الحمل لتأخر آيته قال علي القاضي في تفسيره وهو حكم يعم المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن والمحافظة على عمومه أولى من المحافظة على عموم قوله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } ; لأن عموم { أولات الأحمال } بالذات وعموم أزواجا بالعرض والحكم يتعلل هاهنا بخلافه ثم ولأنه صح أن { سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد حللت فتزوجي } ولأنه متأخر النزول فتقديمه تخصيص وتقديم الآخر بناء العام على الخاص والأول أرجح للوفاق عليه ا هـ .
وفي الدر المنثور عن رضي الله عنه مرفوعا { ابن مسعود وأولات الأحمال } أجل كل حامل مطلقة أو متوفى عنها زوجها أن تضع حملها } وأخرج عن نسخت سورة النساء القصرى كل عدة { رضي الله عنه أنها نزلت بعد سبع سنين ونقل عن أبي سعيد الخدري أبي بن كعب رضي الله عنه وأبي سعيد الخدري وابنه وعمر وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم كقول والمسور بن مخرمة ومعنى قول ابن مسعود القاضي إن عموم أولات بالذات أن الموصول من صيغ العموم ومعنى قوله إن [ ص: 147 ] عموم أزواجا بالعرض أن عمومه بدلي لا يصلح لتناول جميع الأزواج في حال واحد ومعنى قوله إن الحكم يتعلل هنا أن الحكم هنا معلل بوصف الحملية بخلاف ذلك وقوله والأول أرجح أي التخصيص أولى من النسخ ; لأنا إذا أخرنا آية الحمل عن آية الوفاة كانت مخصصة لآية الوفاة وإذا قدمنا آية الحمل على آية الوفاة كانت رافعة لما في الخاص من الحكم وهو نسخ ، وفي المعراج حمل أهل العلم آية البقرة على الحوامل تخصيصا بآية القصرى والتخصيص أولى من دعوى النسخ ا هـ .
وفي البدائع إن كان بين نزول الآيتين زمان يصلح للنسخ فينسخ الخاص المتقدم بالعام المتأخر كما هو مذهب مشايخنا بالعراق ولا يبنى العام على الخاص أو يعمل بالنص العام على عمومه ويتوقف في حق الاعتقاد كما هو مذهب مشايخ سمرقند ولا يبنى العام على الخاص ا هـ .
وذكر البقاعي في المناسبات لما كان توحيد الحمل لا ينشأ عنه لبس وكان الجمع ربما أوهم أنها لا تحل واحدة منهما حتى تضع جمعا قال { حملهن } ا هـ .
وذكر الفخر الرازي أنه قرئ أحمالهن ثم قال : إنما قال { أن يضعن حملهن } ولم يقل أن يلدن ; لأنه لو قاله لانقضت بولادة أحد الولدين ا هـ .
يعني وهو بعض الحمل فلا تنقضي حتى تضع جميع ما في البطن ; لأن الحمل اسم لجميع ما في البطن ولهذا قال الأصوليون لو لا تعتق ; لأنه اسم لجميع ما في البطن كقوله إن كان ما في بطنك ذكرا ، وفي البدائع وشرط وجوبها أن يكون الحمل من نكاح صحيحا كان أو فاسدا ولا تجب على الحامل من الزنا ; لأن الزنا لا يوجب العدة إلا أنه إذا قال إن كان حملك ذكرا فأنت حرة فولدت ذكرا وأنثى جاز النكاح ، وفي فتح القدير لو تزوج امرأة وهي حامل من الزنا ظهر فساد النكاح وألحق بالميت ا هـ . تزوجت بعد الأشهر ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من المدة
فعند أبي حنيفة لا يجوز له أن يطأها ما لم تضع كي لا يكون ساقيا ماءه زرع غيره فظهر أن الحامل من الزنا لا عدة عليها أصلا ، وأما ومحمد فعدتها بالأقراء كما سيأتي إلا إذا كانت حاملا فعدتها بوضع الحمل كما في تزوج الحامل التي من الزنا ثم طلقها فولدت انقضت عدتها عندهما بالوضع ، وفي البدائع وقد تنقضي العدة بوضع الحمل من الزنا بأن تزوجت الحامل من الزنا ثم طلقها فولدت انقضت عدتها عندهما بالوضع ، ولدت ، وفي بطنها آخر تنقضي العدة بوضع الآخر ; لأن الحمل اسم لجميع ما في البطن وإذا أسقطت سقطا استبان بعض خلقه انقضت به العدة ; لأنه ولد وإن لم يستبن بعض خلقه لم تنقض ; لأن الحمل اسم لنطفة متغيرة بدليل أن الساقط إذا كان علقة أو مضغة لم تنقض به العدة ; لأنها لم تتغير فلا يعرف كونها متغيرة بيقين إلا باستبانة بعض الخلق كذا في المحيط . الموطوءة بشبهة
وفي التتارخانية ثبت نسب الثاني أيضا وانقضت به العدة ولا يجب به العقر ، وفي الكافي قال : إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ثم ولدت لستة أشهر للحاكم طلقت بالأول وانقضت العدة بالآخر ولا يقع به طلاق ولو ولدت ثلاثة في بطن وقعت طلقتان وانقضت العدة بالثالث ، ولو كان بين الولدين ستة أشهر ولم تقربا بانقضاء العدة طلقت ثلاثا وتعتد بالأقراء بعد الثالث ا هـ . قال لها : كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدين في بطن واحد
وفي الخانية فإن الولد للثاني ، ولو طلقها رجعيا فتزوجت في العدة ثم طلقها الثاني فجاءت بولد لأكثر من سنتين من طلاق الأول ولستة أشهر من طلاق الثاني كان الإمام تزوجت المنعي إليها زوجها ثم ولدت أولادا ثم جاء الزوج الأول حيا يقول الأولاد للأول ثم رجع عنه وقال للثاني وعليه الفتوى ا هـ . أبو حنيفة
منتقى قال في نوادر محمد ابن رستم لو خرج من قبل الرأس نصف البدن غير الرأس أو خرج من قبل الرجلين نصف البدن غير الرجلين انقضت به العدة وفسر فقال : النصف من البدن هو من أليتيه إلى منكبيه [ ص: 148 ] ولا يعتد بالرأس ولا بالرجلين وقال في الهارونيات لو خرج أكثر الولد لم تصح الرجعة وحلت للأزواج وقال مشايخنا لا تحل للأزواج أيضا ; لأنه قام مقام الكل في حق انقطاع الرجعة احتياطا ولا يقوم مقامه في حق حلها للأزواج احتياطا ، وفي نوادر لو ابن سماعة لم يلزمه حتى يخرج الرأس ونصف البدن لأقل من سنتين ويخرج الباقي لأكثر من سنتين أو يخرج من قبل الرجلين الأكثر من البدن لأقل من سنتين ويخرج ما بقي لأكثره ، ولو خرج الرأس فقتله إنسان وجبت الدية ولا يجب القصاص وكذلك في أذنيه ، ولو جاءت المبانة المدخولة بولد فخرج رأسه لأقل من سنتين وخرج الباقي لأكثر من سنتين وجبت الدية ، وفي نوادر قطع الرجلين قبل الرأس ابن هشام لا تعتق حتى يخرج النصف سوى الرأس ا هـ . ما في المحيط . قال لجاريته أنت حرة وقد خرج رأس الولد مع نصف البدن
والحاصل أن خروج الأكثر كالكل في جميع الأحكام إلا في حلها للأزواج على قول المشايخ وخروج الرأس فقط أو مع الأقل لا اعتبار به فلا تنقضي به العدة ولا يثبت نسب من المبانة إذا كان لأقل من سنتين والباقي للأكثر ولا قصاص بقطعهما ودليل مسألة العتق في المحيط محرفة من الكاتب وحاصلها أن الحمل يتبع الأم في العتق فإذا أعتقت بعد خروج بعضه فإن خرج الأكثر أو النصف لا يتبعها وإن خرج الأقل يتبعها ، وفي المحيط أيضا لم يجز النكاح إن كان قد استبان خلقه ; لأنه لا يستبين خلقه إلا في مائة وعشرين يوما أربعين يوما نطفة وأربعين علقة وأربعين مضغة ثم ينفخ فيه الروح وإن سقط لأربعة أشهر تامة فهو من الزوج والعمل على مائة وعشرين يوما وإن تزوجها في عشر من الشهر فخمسة أشهر بالأهلة وعشرين يوما من السادس في لزوم الولد ا هـ . تزوج بامرأة فجاء بسقط بعد أربعة أشهر إلا يوما
وفي الخانية يحكم بانقضاء عدتها قبل الولادة بستة أشهر وزيادة فتجعل كأنها تزوجت بزوج آخر بعد انقضاء عدتها وحبلت من الثاني ا هـ . المتوفى عنها زوجها إذا ولدت لأكثر من سنتين من وقت الموت
والحاصل أن السقط الذي استبان بعض خلقه يعتبر فيه أربعة أشهر وتام الخلق ستة أشهر كذا في المجتبى ، وفي التتارخانية المعتدة عن وطء بشبهة إذا حبلت في العدة ثم وضعت انقضت عدتها ، وفي البزازية لو قالت المعتدة : ولدت لا يقبل قولها بلا بينة فإن طلب يمينها بالله لقد أسقطت سقطا مستبين الخلق حلفت اتفاقا ا هـ .