[ ص: 144 ] ( قوله ولو صح ولم يجز ذلك لغير الأب والجد ) يعني لو زوج الأب الصاحي ولده الصغير أمة أو بنته الصغيرة عبدا أو زوجه وزاد على مهر المثل زيادة فاحشة أو زوجها ونقص عن مهر مثلها نقصانا فاحشا فهو صحيح من الأب والجد دون غيرهما عند زوج طفله غير كفء أو بغبن فاحش ولم يصح العقد عندهما على الأصح ; لأن الولاية مقيدة بشرط النظر فعند فواته يبطل العقد وله : أن الحكم يدار على دليل النظر وهو قرب القرابة وفي النكاح مقاصد تربو على المهر والكفاءة قيد بالغبن الفاحش ; لأن الغبن اليسير في المهر معفو اتفاقا كذا في غاية البيان وقيد بالنكاح ; لأن في التصرفات المالية كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار والصلح في دعوى المال لا يملك الأب والجد بغبن فاحش بالإجماع ; لأن المقصود المال أبي حنيفة
وقد حصل النقصان فيه بلا جابر فلم يجز وفي النكاح وجد الجابر وهو ما قلنا من المقاصد ، وأطلق في الأب والجد وقيده الشارحون وغيرهم بأن لا يكون معروفا بسوء الاختيار حتى لو كان معروفا بذلك مجانة وفسقا فالعقد باطل على الصحيح قال في فتح القدير ومن فهو ظاهر سوء اختياره ولأن ترك النظر هنا مقطوع به فلا يعارضه ظهور إرادة مصلحة تفوت [ ص: 145 ] ذلك نظرا إلى شفقة الأبوة ا هـ . زوج ابنته الصغيرة القابلة للتخلق بالخير والشر ممن يعلم أنه شرير فاسق
فظاهر كلامهم أن الأب إذا كان معروفا بسوء الاختيار لم يصح عقده بأقل من مهر المثل ولا بأكثر في الصغير بغبن فاحش ولا من غير الكفء فيهما سواء كان عدم الكفاءة بسبب الفسق أو لا حتى لو فالعقد باطل فقصر المحقق زوج بنته من فقير أو محترف حرفة دنيئة ولم يكن كفؤا ابن الهمام كلامهم على الفاسد مما لا ينبغي ، وذكر أصحاب الفتاوى أن الأب إذا إن لم يكن يعرفه الأب بشربه وكان غلبة أهل بيته صالحين فالنكاح باطل اتفاقا ; لأنه إنما زوج على ظن أنه كفء ا هـ . زوج بنته الصغيرة ممن ينكر أنه يشرب المسكر فإذا هو مدمن له وقالت بعدما كبرت لا أرضى بالنكاح
وهو يفيد أن الأب لو عرفه بشربه فالنكاح نافذ ولا شك أن هذا منه سوء اختيار بيقين لكن لم يلزم من تحققه كون الأب معروفا للناس به فقد يتصف به في نفس الأمر ولا يشتهر به فلا منافاة بين ما ذكروه كما لا يخفى ، وفرق بين علمه وعدمه في الذخيرة بأنه إذا كان عالما بأنه ليس بكفء علم أنه تأمل غاية التأمل وعرف هذا العقد مصلحة في حقها أما هاهنا ظنه كفؤا فالظاهر أنه لا يتأمل . ا هـ .
وقد وقع في أكثر الفتاوى في هذه المسألة أن النكاح باطل فظاهره أنه لم ينعقد وفي الظهيرية يفرق بينهما ولم يقل إنه باطل وهو الحق ولذا قال في الذخيرة في قولهم فالنكاح باطل أي يبطل . ثم اعلم ، أنه لا خصوصية لما إذا علمه فاسقا ، وإنما المراد أنه إذا زوجه بناء على أنه كفء فإذا هو ليس بكفء فإنه باطل ولذا قال في القنية فهو باطل بالاتفاق وقيد بتزويجه طفله ; لأنه لو زوج أمة طفله بغبن فاحش فإنه لا يجوز اتفاقا ; لأنه إضاعة مالهما ; لأن المهر ملكهما ولا مقصود آخر باطن يصرف النظر إليه كما في فتح القدير والمراد بعدم الجواز في قوله لم يجز ذلك لغيرهما عدم الصحة وعليه ابتني الفرع المعروف ، ولو زوج بنته الصغيرة من رجل ظنه حر الأصل وكان معتقا لا يصح ; لأنه لم يكن العقد موقوفا إذ لا مجيز له فإن العم ونحوه لا يصح منهم التزويج لغير الكفء ولذا ذكر في الخانية وغيرها أن زوج العم الصغيرة حرة الجد من معتق الجد فكبرت وأجازت فالأحوط أن يزوجها مرتين مرة بمهر مسمى ومرة بغير التسمية ; لأنه لو كان في التسمية نقصان فاحش ولم يصح النكاح الأول يصح الثاني ا هـ . غير الأب والجد إذا زوج الصغيرة
ولا فرق بين الصغير والصغيرة [ ص: 146 ] في هذا المعنى فالتخصيص بالصغيرة مما لا ينبغي وليس للتزويج من غير كفء حيلة كما لا يخفى وقيد بتزويج الأب أي بنفسه ; لأنه لا يجوز لوكيل الأب أن يزوج بنته الصغيرة بأقل من مهر مثلها كذا في القنية وينبغي استثناء القليل الذي يتساهل فيه كما لا يخفى وقيدنا الأب بكونه صاحيا ; لأن فإنه لا يجوز إجماعا والصاحي : يجوز ; لأن الظاهر من حال السكران أنه لا يتأمل إذ ليس له رأي كامل فيبقى النقصان ضررا محضا والظاهر من حال الصاحي أنه يتأمل كذا في الذخيرة ، وكذا السكران إذا قصر في مهر ابنته بما لا يتغابن الناس فيه كما في الخانية وبه علم أن المراد بالأب من ليس بسكران ولا عرف بسوء الاختيار وأطلق في غير الكفء فشمل ما إذا زوجها من مملوك نفسه فعندهما لم يصح كما في الذخيرة وقيد بالطفل ; لأن السكران إذا زوج من غير الكفء فهو جائز اتفاقا ولا خصوصية للأب بل كل ولي كذلك إن لم يكن لها غيره أقرب منه لم يرض به قبل العقد والطفل الصبي ويقع على الذكر والأنثى والجماعة يقال طفلة وأطفال ا هـ . الأب لو زوج الكبيرة من مملوكه برضاها