( قوله ) لقوله تعالى { ولا تمتع ولا قران لمكي ومن حولها ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } بناء على عود اسم الإشارة إلى التمتع لا إلى الهدي بقرينة وصلها باللام وهي تستعمل فيما لنا أن نفعله بخلاف الهدي فإنه علينا فلو كان مرادا لقيل ذلك على من لم يكن ، ولكونها اسم إشارة للبعيد والتمتع أبعد من الهدي ثم ظاهر الكتب متونا وشروحا وفتاوى أنه لا يصح منهم تمتع ولا قران لقولهم وإذا بطل تمتعه . عاد المتمتع إلى أهله ولم [ ص: 393 ] يكن ساق الهدي
قال في غاية البيان ولهذا قلنا لم يصح تمتع المكي لوجود الإلمام الصحيح ومقتضاه أنه لو فإنه لا يلزمه دم لكن صرح في التحفة بأنه يصح تمتعهم وقرانهم فإنه نقل في غاية البيان عنها أنهم لو تمتعوا جاز ، وأساءوا ويجب عليهم دم الجبر ، وهكذا ذكر أحرم بعمرة في أشهر الحج ، وحل منها ثم أحرم بحج الإسبيجابي ثم قال ولا يباح لهم الأكل من ذلك الدم ولا يجزئهم الصوم إن كانوا معسرين فتعين أن يكون المراد بالنفي في قولهم لا تمتع ولا قران لمكي نفي الحل لا نفي الصحة ، ولذا وجب دم جبر لو فعلوا ، وهو فرع الصحة واشتراطهم عدم الإلمام فيما بينهما إنما هو للتمتع المنتهض سببا للثواب المترتب عليه وجوب دم الشكر فالحاصل أن فإن كان من نيته الحج من عامه فإنه يكون آثما ; لأنه عين التمتع المنهي عنه لهم فإن حج من عامه لزمه دم جناية لا دم شكر ، وإن لم يكن من نيته الحج من عامه ولم يحج فإنه لا يكون آثما بالاعتمار في أشهر الحج ; لأنهم وغيرهم سواء في رخصة الاعتمار في أشهر الحج ، وما في البدائع من أن الاعتمار في أشهر الحج للمكي معصية محمول على ما إذا حج من عامه ، وإذا قرن فإنه يكون آثما أيضا ويلزمه دم جناية وفي الهداية بخلاف المكي إذا خرج إلى المكي إذا أحرم بعمرة في أشهر الحج الكوفة وقرن حيث تصح ; لأن عمرته وحجته ميقاتيتان فصار بمنزلة الآفاقي .
قال الشارحون قيد بالقران لأنه لو تمتع فإنه لا يصح ويلزمه دم جناية لوجود الإلمام الصحيح [ ص: 394 ] بينهما فقد فرقوا بين التمتع والقران فشرطوا في التمتع عدم الإلمام دون القران ، ومقتضى الدليل أنه لا فرق بينهما في هذا الشرط ، وأن ثم حج من عامه ; لأن التمتع المذكور في الآية يعمهما كما قدمناه وإيجابهم دم الجناية على المكي يأثم إذا أحرم من الميقات بهما أو بالعمرة في أشهر الحج مقتض لوجوب الدم على الآفاقي إذا تمتع ، وقد ألم بينهما إلماما صحيحا ولم يصرحوا به ، وإنما قالوا بطل تمتعه والمراد بمن حولها من كان داخل المواقيت فإنهم بمنزلة أهل المكي إذا خرج إلى الميقات وتمتع مكة وإن كان بينهم وبين مكة مسيرة سفر ; لأنهم في حكم حاضري المسجد الحرام ، وفي النهاية وأما فيكره ويلزمه الرفض والعمرة له في أشهر الحج لا تكره ولكن لا يدرك فضيلة التمتع لأن الإلمام قطع تمتعه ا هـ . القران من المكي
ولم يبين المرفوض وبينه في المحيط فقال رفض العمرة ومضى في الحجة وعليه عمرة ودم فإن مضى في العمرة لزمه دم لجمعه بينهما فإنه لا يجوز له الجمع فإذا جمع فقد احتمل وزرا فارتكب محظورا فلزم دم كفارة ثم لا بد من رفض أحدهما خروجا عن المعصية فرفض العمرة أولى فإن طاف لعمرته ثلاثة أشواط ثم أحرم بالحج رفض الحج عند مكي أحرم بعمرة وحجة ; لأنه امتناع وهو أسهل من الإبطال وعندهما برفض العمرة ولو طاف لها أربعة أشواط ثم أحرم بالحج أتمهما وعليه دم لارتكابه المنهي عنه ا هـ . أبي حنيفة
وفيها أيضا وذكر الإمام المحبوبي أن هذا الكوفة وقرن إنما يبيح قرانه إذا خرج من الميقات قبل دخول أشهر الحج ، فأما إذا المكي الذي خرج إلى بمكة ثم قدم الكوفة ثم عاد وأحرم بها من الميقات لم يكن قارنا ; لأنه لما دخل أشهر الحج وهو دخل أشهر الحج وهو بمكة صار ممنوعا من القران شرعا فلا يتغير ذلك بخروجه من الميقات وتعقبه في فتح القدير بأن الظاهر الإطلاق ; لأن كل من حل بمكان صار من أهله مطلقا .