( قوله ترمل في الثلاثة الأول فقط ) بيان للسنة أي في الأشواط الثلاثة الأول دون غيرها فأفاد أنه من الحجر إلى الحجر لحديث ابن عمر في حجة الوداع المروي في الصحيحين ردا على ما قال إنه ينتهي إلى وابن عباس الركن اليماني ، واعلم أن الأصل زوال الحكم عند زوال العلة ; لأن الحكم ملزوم لوجود العلة ، ووجود الملزوم بدون اللازم محال ، وقول من قال إن علة الرمل في الطواف زالت وبقي الحكم ممنوع فإن { النبي صلى الله عليه وسلم رمل في حجة الوداع } تذكيرا لنعمة الأمن بعد الخوف ليشكر عليها فقد أمر الله بذكر نعمه في مواضع من كتابه وما أمرنا بذكرها إلا لنشكرها ، ويجوز أن يثبت الحكم بعلل متبادلة فحين غلبة المشركين كانت علة الرمل إيهام المشركين قوة المؤمنين
وعند زوال ذلك تكون علته تذكير نعمة الأمن كما أن علة الرق في الأصل استنكاف الكافر عن عبادة ربه ، ثم صار علته حكم الشرع برقه وإن أسلم وكالخراج فإنه يثبت في الابتداء بطريق العقوبة ، ولهذا لا يبتدأ به على المسلم ثم صار علته حكم الشرع بذلك حتى لو اشترى المسلم أرض خراج لزمه عليه الخراج ، كذا ذكره المحقق أكمل الدين في شرح البزدوي من بحث القدرة الميسرة
وقد رد المحقق ابن الهمام في باب العشر والخراج كون الحكم ملزوما لوجود العلة في العلل الشرعية ; لأن العلل الشرعية أمارات على الحكم لا مؤثرات فيجوز بقاء الحكم بعد زوال علته ، وإنما ذلك في العلل العقلية .
وأشار بقوله بعد ذلك ثم اخرج إلى الصفا إلى أنه لا يرمل إلا في طواف بعده سعي فلو لا يرمل في طواف القدوم ، وذكر الشارح معزيا إلى الغاية إذا كان قارنا [ ص: 355 ] لم يرمل في طواف القدوم إن كان رمل في طواف العمرة وأشار بقوله فقط إلى أنه لو أراد تأخير السعي إلى طواف الزيارة لا يرمل إلا في الشوطين بعده وبنسيانه في الثلاثة الأول لا يرمل في الباقي ; لأن ترك الرمل في الأربعة سنة فلو رمل فيها لكان تاركا للسنتين ، وكان ترك أحدهما أسهل فإن ترك الرمل في الشوط الأول وقف فإذا وجد مسلكا رمل ; لأنه لا بدل له فيقف حتى يقيمه على الوجه المسنون بخلاف استلام الحجر ; لأن الاستقبال بدل له وفي الولوالجية ولو رمل في الكل لم يلزمه شيء . ا هـ . زاحمه الناس في الرمل
وينبغي أن يكره تنزيها لمخالفة السنة ، والرمل كما في الهداية أن يهز في مشيته الكتفين كالمبارز يتبختر بين الصفين ، وقيل هو إسراع مع تقارب الخطا دون الوثوب والعدو وهو في اللغة كما في ضياء الحلوم بفتح الفاء والعين الهرولة وفي فتح القدير وهو بقرب البيت أفضل فإن لم يقدر فهو في البعد من البيت أفضل من الطواف بلا رمل مع القرب منه .