فائدتان
إحداهما : لو فإن كانا عن يمينه ، أو الأمي عن يمينه : صحت صلاة الإمام والأمي ، وبطلت صلاة القارئ ، على الصحيح ، وإن كانا خلفه ، أو القارئ عن يمينه والأمي عن يساره : فسدت صلاتهما جزم به في المستوعب وغيره ، وفسدت صلاة الإمام أيضا ، على الصحيح من المذهب قال اقتدى قارئ وأمي بأمي الزركشي : فإن كانا خلفه فإن صلاتهما تفسد ، وهل تبطل صلاة الإمام ؟ فيه احتمالان أشهرهما البطلان ، وقال في الرعايتين : فإن كانا خلفه بطل فرض القارئ في الأصح ، وبقي نفلا ، وقيل : لا يبقى فتبطل صلاتهم ، وقيل : إلا الإمام . انتهى . وفي المذهب : وجه آخر حكاه أن الفساد يختص بالقارئ ، ولا تبطل صلاة الأمي قال ابن الزاغوني : واختلف القائلون بهذا الوجه في تعليله فقال بعضهم : لأن القارئ تكون صلاته نافلة ، فما خرج من الصلاة فلم يصر الأمي بذلك فذا ، وقال بعضهم : صلاة القارئ باطلة على الإطلاق ، لكن اعتبار معرفة هذا على الناس أمر يشق ، ولا يمكن الوقوف عليه فعفي ابن الزاغوني للمشقة . انتهى . [ ص: 270 ] قال عنه الزركشي : ويحتمل أن اختار هذا الوجه ، فيكون كلامه على إطلاقه . انتهى . قال الخرقي ابن تميم : فإن كان خلفه بطل فرض القارئ ، وفي بقائه نفلا وجهان فإن قلنا بصحة صلاة الجميع : صحت ، وإن قلنا لا تصح : بطلت صلاة المأموم ، وفي صلاة الإمام وجهان ، وقال في الفروع : فإن بطل فرض القارئ ، فهل تبقى نفلا فتصح صلاتهم ، أم لا يبقى فتبطل ، أم تبطل إلا صلاة الإمام ؟ فيه أوجه الثانية : الأمي نسبة إلى الأم . وقيل : المراد بالأمي الباقي على أصل ولادة أمه لم يقرأ ولم يكتب ، وقيل : نسبة إلى أمة العرب قوله ( وهو من لا يحسن الفاتحة ، أو يدغم حرفا لا يدغم ، أو يبدل حرفا ، أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى ) فاللحن الذي يحيل المعنى : كضم التاء أو كسرها من " أنعمت " أو كسر كاف " إياك " قال في الرعاية : وقلنا تجب قراءتها ، وقيل : أو قراءة بدلها انتهى . فلو فتح همزة " اهدنا " فالصحيح من المذهب : أن هذا لحن يحيل المعنى قال في الفروع : يحيل في الأصح قال في مختصر ابن تميم : يحيل في أصح الوجهين وقيل : فتحها لا يحيل المعنى .
فائدة : لو قرأ قراءة تحيل المعنى مع القدرة على إصلاحها متعمدا حرم عليه فإن عجز عن إصلاحها قرأ من ذلك فرض القراءة ، وما زاد تبطل الصلاة بعمده ، ويكفر إن اعتقد إباحته ، ولا تبطل إن كان لجهل أو نسيان ، أو أنه جعلا له كالمعدوم فلا يمنع إمامته ، وهذا الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين : هذا اختيار ابن حامد ، ، والقاضي وأكثر أصحابنا وقدمه في الفروع ، ومجمع البحرين ، وغيره . [ ص: 271 ] وقال وأبي الخطاب أبو إسحاق بن شاقلا : هو ككلام الناس ، فلا يقرؤه ، وتبطل الصلاة به ، وأطلقهما في الرعاية ، وخرج بعض الأصحاب من قول أبي إسحاق عدم جواز قراءة ما فيه لحن يحيل معناه ، مع عجزه عن إصلاحه ، وكذا إبدال حرف لا يبدل فإن سبق لسانه إلى تغيير نظم القرآن بما هو منه على وجه يحيل معناه ، كقوله " إن المتقين في ضلال وسعر " ونحوه لم تبطل صلاته على الصحيح ونص عليه في رواية محمد بن الحكم ، وإليه ميله في مجمع البحرين ، وقدمه ابن تميم ، والرعاية ولا يسجد له ، تبطل ، نقلها وعنه الحسن بن محمد ، وهو قول في الرعاية ، ومنها أخذ ابن شاقلا قوله ، قاله ابن تميم ، وأطلقهما في مجمع البحرين .
تنبيه : ظاهر قوله " أو يبدل حرفا " أنه لو أبدل ضاد " المغضوب " عليهم و " الضالين " بظاء مشالة : أن لا تصح إمامته .
( * ) وهو أحد الوجوه قال في الكافي : هذا قياس المذهب ، واقتصر عليه وجزم به في شرحه . والوجه الثاني : تصح قدمه في المغني والشرح واختاره ابن رزين ، وأطلقهما في الرعايتين ، والحاويين ، وقيل : تصح مع الجهل قال في الرعاية الكبرى : قلت : إن علم الفرق بينهما لفظا ومعنى بطلت صلاته ، وإلا فلا ، وأطلقهن في الفروع فائدة : " الأرت " هو الذي يدغم حرفا لا يدغم ، أو حرفا في حرف ، وقيل : من يلحقه دغم في كلامه ، و " الألثغ " الذي يبدل حرفا بحرف لا يبدل به ، كالعين بالزاي وعكسه ، أو الجيم بالشين ، أو اللام أو نحوه . وقيل : من أبدل حرفا بغيره قال ذلك في الرعاية وغيره فالصحيح من المذهب : لا تصح القاضي كما تقدم وظاهر كلام إمامة الأرت والألثغ ابن البنا : صحة إمامتهما مع الكراهة ، وقال الآمدي : يسير ذلك لا يمنع الصحة ، ويمنع كثيره .