قوله ( وإن ، فإن كان صاحبه مضطرا إليه : فهو أحق به ) بلا نزاع . لكن لو خاف في المستقبل : فهل هو أحق به ، أم لا ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الفروع . لم يجد إلا طعاما لم يبذله مالكه قلت : الأولى النظر إلى ما هو أصلح . وقال في الرعاية الكبرى : يحتمل وجهين ، أظهرهما : إمساكه .
فائدة : حيث قلنا : إن مالكه أحق ، فهل له إيثاره ؟ قال في الفروع : ظاهر كلامهم أنه لا يجوز . وذكر صاحب الهدى في غزوة الطائف : أنه يجوز ، وأنه غاية الجود [ ص: 374 ] قوله ( وإلا لزمه : بذله بقيمته ) نص عليه . ولو كان المضطر معسرا . وفيه احتمال . لابن عقيل
تنبيهان إحداهما : ظاهر قوله " وإلا لزمه بذله بقيمته " أنه لو طلب زيادة لا تجحف . ليس له ذلك . وهو أحد الوجهين . وهو الصحيح منهما ، اختاره ، وجزم به المصنف الشارح في موضعين . والوجه الآخر : له ذلك ، اختاره . وأطلقهما في الفروع . قال القاضي الزركشي : وعلى كلا القولين : لا يلزمه أكثر من ثمن مثله . وقال في عيون المسائل ، والانتصار : قرضا بعوضه . وقيل : مجانا ، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، كالمنفعة في الأشهر . الثاني : قوله ( فإن أبى : فللمضطر أخذه قهرا ، ويعطيه قيمته ) . كذا قال جماعة . وقال جماعة : ويعطيه ثمنه . وقال في المغني : ويعطيه عوضه . قال الزركشي : وهو أجود . وقال في الفروع : فإن أبى أخذه بالأسهل ، ثم قهرا . وهو مراد ، وغيره . قوله ( فإن منعه : فله قتاله ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . المصنف
[ ص: 375 ] وقال في الترغيب : في قتاله وجهان . ونقل عبد الله : أكره مقاتلته . وقال في الإرشاد : فإن لم يقدر على أخذه منه إلا بمقاتلته : لم يقاتله . فإن الله يرزقه . فوائد الأولى : لو بادر صاحب الطعام فباعه ، أو رهنه . فقال في الانتصار في الرهن : يصح . ويستحق أخذه من المرتهن ، والبائع مثله . قال في القاعدة الثالثة والخمسين : ولم يفرق بين ما قبل الطلب وبعده . قال : والأظهر أنه لا يصح البيع بعد الطلب ، لوجوب الدفع . بل لو قيل : لا يصح بيعه مطلقا ، مع علمه باضطراره : لم يبعد وأولى ; لأن هذا يجب بذله ابتداء لإحياء النفس . انتهى . الثانية : لو بذله بأكثر ما يلزمه : أخذه وأعطاه قيمته يعني من غير مقاتلة على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في المحرر ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : يقاتله . الثالثة : لو بذله بثمن مثله : لزمه قبوله على الصحيح من المذهب . وقال أبو الخطاب : لا يلزم معسرا على احتمال . الرابعة : لو امتنع المالك من البيع إلا بعقد ربا ، فظاهر كلام ابن عقيل وجماعة : أنه يجوز أخذه منه قهرا ، ونص عليه بعض الأصحاب . قاله الخرقي الزركشي . وقال : نعم إن لم يقدر على قهره دخل في العقد ، وعزم على أن لا يتم عقد الربا . فإن كان البيع نساء : عزم على أن العوض الثابت في الذمة قرضا . [ ص: 376 ] وقال بعض المتأخرين : لو قيل : إن له أن يظهر صورة الربا ولا يقاتله ويكون كالمكره ، فيعطيه من عقد الربا صورته لا حقيقته لكان أقوى . قاله الزركشي .