وهاك واوا عوضا من ألف قد وردت رسما ببعض أحرف
أي: خذ واوا في الرسم عوضا من ألف في اللفظ قد وردت تلك الواو في الرسم عن كتاب المصاحف ببعض أحرف، أي: في بعض كلمات، وهذا من الناظم شروع في القسم الثاني من قسمي الألف المنقلب عن واو بعد فراغه من القسم الأول منهما، وكلا القسمين جاء على خلاف الأصل في الرسم، وذلك أن الأصل والغالب في الألف المنقلب عن واو أن يرسم ألفا كما تقدم، وقد تعرض الناظم لما خرج عن هذا الأصل وهو قسمان: قسم رسم ياء عوضا عن ألف، وهو القسم الأول الذي تقدم في الترجمة المفروغ منها، وقسم رسم واوا عوضا عن ألف، وهو القسم الثاني الذي عقد له هذه الترجمة، وهذا هو المتقدمين في شرح قوله: "وهاك ما بألف قد جاء". البيت. النوع الثاني من نوعي الإبدال الرسميثم قال:
[ ص: 215 ]
والواو في منوة والنجوة وحرفي الغدوة مع مشكوة
وفي الربوا وكيفما الحيوة أو الصلوة وكذا الزكوة
أما "منوة" ففي "النجم": "ومنوة الثالثة الأخرى". وهو اسم صنم، واستثناؤه من ذوات الواو على قراءة نافع مبني على أن أصل ألفه واو، وقد حكى بعض العلماء فيه اختلافا.
وأما "النجوة" ففي "غافر": "ما لي أدعوكم إلى النجوة"، وألفه منقلبة عن واو; لأنك تقول في الماضي: نجوت، وفي المضارع أنجو.
وأما "الغدوة" ففي "موضعين": موضع في "الأنعام"، وهو: "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي"، ومثله في "الكهف"، وإليهما أشار بقوله، "وحرفي الغدوة" أي: وكلمتي "الغدوة" في الموضعين، وقد قرأهما بضم الغين، وإسكان الدال بعدها واو مفتوحة. وألف: "غدوة" منقلبة عن واو، وأصلها "غدوة" بفتح الواو، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. ابن عامر
وأما "مشكوة" ففي "النور": "كمشكوة فيها مصباح"، والمشكوة الكوة غير النافذة، وقد قيل: إن أصل ألفها الواو وإنها من شكوت، ولكن صيرته الزيادة في أوله من ذوات الياء، فاستثناؤه من ذوات الواو مشكل.
وأما "الربوا" فنحو: "الذين يأكلون الربوا"، وقد وقع في سبعة مواضع؛ خمسة في "البقرة" وواحد في "آل عمران"، وواحد في "النساء"، وألفه منقلبة عن واو; لأنه مصدر ربوت أربو، ومعناه الزيادة.
وأما "الحيوة"، و: "الصلوة" و: "الزكوة" كيفما وقعت هذه الثلاثة من تعريف بأل أو بالإضافة أو تنكير فنحو: "إلا خزي في الحيوة الدنيا"، "ولتجدنهم أحرص الناس على حيوة"، ونحو: "ويقيمون الصلوة"، و: "وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة". "من قبل صلوة الفجر"، "ومن بعد صلوة العشاء" "خيرا منه زكوة وأقرب رحما"، وسيأتي قريبا الخلاف في المضاف منها إلى الضمير، واستثناء ألف: "الحيوة" من ذوات الواو [ ص: 216 ] مبني على مذهب من يقول: إن أصله واو، ودليله ظهورها في: حيوان.
وأما "الصلوة" فجمعها على صلوات دليل على أن ألفها منقلب عن واو، ودليل كون الألف في: "الزكوة" أصله الواو أنها مصدر زكوت أزكو، ووجه رسم هذه الألفاظ بالواو التنبيه على أصلها مع الإشارة إلى أن بعض العرب يميل بلفظ الألف إلى الواو، وإن كانت لغة غير فصحى لم يقرأ بها.
وقوله: "الحيوة" فاعل بفعل محذوف بعد "كيفما" تقديره: وقع، و: "الصلوة" عطف على: "الحيوة"، وأو بمعنى الواو.
ثم قال:
ما لم تضفهن إلى ضمير فألف والثبت في المشهور
ومثال كلمة "الصلوة" مضافة إلى الضمير: قل إن صلاتي ونسكي وما كان صلاتهم ، ولا تجهر بصلاتك قد علم صلاته .
ولم تقع كلمة "الزكوة" مضافة في القرآن، فتحصل أن ما عرف بأل من هذه الكلمات، أو أضيف إلى ظاهر منها يرسم بالواو من غير خلاف، وأن ما أضيف منها إلى ضمير فيه خلاف، والمشهور رسمه بألف ثابتة وعليه العمل.
وأما ما كان منها منكرا نحو: "حيوة طيبة" و: "زكوة وأقرب رحما" فمقتضى كلام الناظم أنه لا خلاف في رسمه بالواو، ويفهم من كلام أبي عمرو في "المقنع" أن فيه خلافا، والعمل عندنا على رسمه بالواو، وقوله: "فألف" مبتدأ حذف خبره تقديره: فيهن، وقوله: الثبت خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وحكمه الثبت.