وإن قال مولاهم على جل حادث ... من الدهر ردوا بعض أحلامكم ردوا
بكسر الكاف؛ وهذه لغة شاذة ، والرواية الصحيحة: " فضل أحلامكم " ، وعلى الشذوذ أنشد ذلك ؛ فأما " عليهمو " ؛ فأصل الجمع أن يكون بواو ، ولكن الميم استغني بها عن الواو ، والواو تثقل على ألسنتهم ، حتى إنه ليس في أسمائهم اسم آخره واو [ ص: 53 ] قبلها حركة ، فلذلك حذفت الواو ، فأما من قرأ: " عليهمو ولا الضالين " ؛ فقليل؛ ولا ينبغي أن يقرأ إلا بالكثير؛ وإن كان قد قرأ به قوم؛ فإنه أقل من الحذف بكثير في لغة العرب. وقوله - عز وجل -: سيبويه غير المغضوب عليهم ؛ فيخفض " غير " ؛ على وجهين: على البدل من " الذين " ؛ كأنه قال: " صراط غير المغضوب عليهم " ، ويستقيم أن يكون غير المغضوب عليهم ؛ من صفة " الذين " ، وإن كان " غير " ؛ أصله أن يكون في الكلام صفة للنكرة ، تقول: " مررت برجل غيرك " ، فغيرك صفة ل " رجل " ، كأنك قلت: " مررت برجل آخر " ؛ ويصلح أن يكون معناه: " مررت برجل ليس بك " ؛ وإنما وقع ههنا صفة ل " الذين " ؛ لأن " الذين " ؛ ههنا ليس بمقصود قصدهم؛ فهو بمنزلة قولك: " إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه " ؛ ويجوز نصب " غير " ؛ على ضربين: على الحال؛ وعلى الاستثناء؛ فكأنك قلت: " إلا المغضوب عليهم " ، وحق " غير " ؛ من الإعراب في الاستثناء النصب؛ إذا كان ما بعد " إلا " منصوبا ، فأما الحال فكأنك قلت فيها: " صراط الذين أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم " . وقوله - عز وجل -: ولا الضالين ؛ [ ص: 54 ] فإنما عطف ب " الضالين " ؛ على " المغضوب عليهم " ، وإنما جاز أن يقع " لا " ؛ في قوله (تعالى): ولا الضالين ؛ لأن معنى " غير " ؛ متضمن معنى النفي ، يجيز النحويون: " أنت زيدا غير ضارب " ، لأنه بمنزلة قولك: " أنت زيدا لا تضرب " ، ولا يجيزون: " أنت زيدا مثل ضارب " ، لأن زيدا من صلة " ضارب " ؛ فلا يتقدم عليه؛ وقول القائلين؛ بعد الفراغ من " الحمد " ، ومن الدعاء " آمين " ؛ فيه لغتان؛ تقول العرب: " أمين " ، و " آمين " ، قال الشاعر:
تباعد عني فطحل إذ دعوته ... أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
وقال الشاعر أيضا:
يا رب لا تسلبني حبها أبدا ... ويرحم الله عبدا قال آمينا
ومعناه: اللهم استجب ، وهما موضوعان في موضع اسم الاستجابة؛ كما أن قولنا: " صه " ؛ موضوع موضع " سكوتا " ؛ وحقهما من الإعراب الوقف؛ لأنهما بمنزلة الأصوات؛ إذ كانا غير مشتقين من فعل؛ إلا أن النون فتحت فيهما لالتقاء الساكنين ، فإن قال قائل: ألا كسرت النون لالتقاء الساكنين؟ قيل: الكسرة تثقل بعد الياء ، ألا ترى أن " أين " ، و " كيف " ؛ فتحتا لالتقاء الساكنين؛ ولم تكسرا لثقل الكسرة بعد الياء؟