وقوله - عز وجل -: من يأت منكن بفاحشة مبينة ؛ [ ص: 226 ] وتقرأ: " مبينة " ؛ يضاعف لها العذاب ضعفين ؛ القراءة: " يضاعف " ؛ بألف؛ وقرأ وحده: " يضعف " ؛ وكلاهما جيد؛ وقال أبو عمرو يعذب ثلاثة أعذبة؛ قال: كان عليها أن يعذب مرة واحدة؛ فإذا ضوعفت المرة ضعفين؛ صار العذاب ثلاثة أعذبة؛ وهذا القول ليس بشيء؛ لأن معنى " يضاعف لها العذاب ضعفين " : " يجعل عذاب جرمها كعذابي جرمين " ؛ والدليل عليه: أبو عبيدة: نؤتها أجرها مرتين ؛ فلا يكون أن تعطى على الطاعة أجرين؛ وعلى المعصية ثلاثة أعذبة؛ ومعنى " ضعف الشيء " : مثله؛ لأن ضعف الشيء الذي يضعفه بمنزلة مثقال الشيء؛ ومعنى " يقنت " : يقيم على الطاعة؛ وأعتدنا لها رزقا كريما ؛ جاء في التفسير أنه الجنة.
وقوله: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ؛ " أهل البيت " ؛ منصوب على المدح؛ ولو قرئت: " أهل البيت " ؛ بالخفض؛ أو قرئت: " أهل البيت " ؛ بالرفع؛ لجاز ذلك؛ ولكن القراءة النصب؛ وهو على وجهين: على معنى " أعني أهل البيت " ؛ وعلى النداء؛ على معنى: " يا أهل البيت " ؛ و " الرجس " ؛ في اللغة: كل مستنكر مستقذر؛ من مأكول؛ أو عمل؛ أو فاحشة؛ وقيل: إن " أهل البيت " ؛ ههنا؛ يعنى به " نساء النبي - صلى الله عليه وسلم " ؛ وقيل: نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ والرجال الذين هم آله؛ واللغة تدل على أنه للنساء؛ والرجال؛ [ ص: 227 ] جميعا؛ لقوله: " عنكم " ؛ بالميم؛ " ويطهركم " ؛ ولو كان للنساء لم يجز إلا " عنكن " ؛ " ويطهركن " ؛ والدليل على هذا قوله: واذكرن ما يتلى في بيوتكن ؛ حيث أفرد النساء بالخطاب.