وقوله: وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ؛ المعنى: "وأهل تلك القرى أهلكناهم"؛ يعنى به من أهلك من الأمم الخالية؛ نحو "عاد" ؛ و"ثمود" ؛ و"قوم لوط "؛ ومن ذكر بالهلاك.
وقوله: وجعلنا لمهلكهم موعدا ؛ أي: أجلا؛ وفيها ثلاثة أوجه: "لمهلكهم"؛ وتأويل "المهلك"؛ على ضربين: على المصدر؛ وعلى الوقت؛ معنى المصدر: "لإهلاكهم"؛ ومعنى الوقت: "لوقت هلاكهم"؛ وكل فعل ماض على "أفعل"؛ فالمصدر منه "مفعل"؛ أو "إفعال"؛ واسم الزمان منه "مفعل"؛ وكذلك اسم المكان؛ تقول: "أدخلته مدخلا"؛ و"هذا مدخله"؛ أي: المكان الذي يدخل زيد منه؛ و"هذا مدخله"؛ أي: وقت إدخاله.
ويجوز أن يقرأ: "لمهلكهم"؛ على أن يكون "مهلك"؛ اسما للزمان؛ على معنى "هلك؛ يهلك"؛ و"هذا زمن مهلكه"؛ مثل: "جلس؛ يجلس"؛ إذا أردت المكان؛ أو الزمان؛ فإذا أردت المصدر قلت: "مهلك"؛ بفتح اللام؛ مثل: "مجلس"؛ يقال: "أتت الناقة على مضربها"؛ [ ص: 298 ] أي: على زمان ضرابها؛ وتقول: "جلس؛ مجلسا"؛ بفتح اللام؛ ومثله: "هلك مهلكا"؛ أي: "هلكا"؛ وموضع "تلك القرى": رفع بالابتداء؛ و"القرى": صفة لها؛ مبينة؛ و"أهلكناهم"؛ خبر الابتداء؛ وجائز أن يكون موضع "تلك القرى"؛ نصبا؛ ويكون "أهلكناهم"؛ مفسرا للناصب؛ ويكون المعنى: "وأهلكنا تلك القرى أهلكناهم".