وقوله: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه ؛ وكل من كفر بالله فنفسه ظلم؛ لأنه يولجها النار؛ ذات العذاب الدائم؛ فأي ظلم للنفس فوق هذا؟!
وقوله: ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ؛ فأخبر بكفره بالساعة؛ وبكفره بفناء الدنيا؛ ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ؛ فدل على أن صاحبه المؤمن قد أعلمه أن الساعة تقوم؛ وأنه يبعث؛ [ ص: 286 ] فأجابه بأن قال له: ولئن رددت إلى ربي كما أعلمتني أن أبعث؛ ليعطيني في الآخرة خيرا مما أعطاني في الدنيا؛ لأنه لم يعطني هذا في الدنيا إلا وهو يزيدني إن كان الأمر على هذا في الآخرة؛ فقال له صاحبه منكرا له بهذا القول: أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ؛ أي: ثم أكملك؛ فأنكرت أمر البعث؛ حتى شككت فيه؛ وقد أعلمنا أن الشاك في أمر الله كافر؛ وأن بعض الظن إثم؛ أي: باطل؛ وقد قال الله (تعالى): وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار