[ ص: 431 ] فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك [102]
قال : فاختلف العلماء في المأمور بذبحه، فقال أكثرهم: الذبيح أبو جعفر إسحاق، فممن قال ذلك العباس بن عبد المطلب وابنه ذلك الصحيح عنه، ورواه عبد الله عن الثوري ، عن داود بن أبي هند عن عكرمة قال: المفدي ابن عباس إسحاق. وروى الثوري عن وابن جريج عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عن سعيد بن جبير قال: الذبيح ابن عباس إسحاق وهذا هو الصحيح عن ، رواه عبد الله بن مسعود عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي وائل أن رجلا قال: أنا ابن الأشياخ الكرام. فقال عبد الله بن مسعود : ذاك عبد الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله. وقد روى حماد بن زيد عن محمد بن عمرو عن عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين". وروى "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم عن أبو الزبير قال: الذبيح جابر إسحاق وذلك مروي أيضا عن رضي الله عنه، علي بن أبي طالب أن الذبيح وعبد الله بن عمر إسحاق عليه السلام، فهؤلاء ستة من الصحابة، ومن التابعين وغيرهم منهم علقمة ومجاهد والشعبي وسعيد بن جبير وعبد الله بن أبي الهذيل ومالك بن أنس قالوا: الذبيح وكعب الأحبار إسحاق صلى الله عليه وسلم. قال : أما من قال: هو أبو جعفر إسماعيل صلى الله عليه وسلم فأبو هريرة وهو يروي عن ثم تكلم العلماء بعد ذلك فمنهم من قال: نص التأويل يدل على أنه ابن عمر، إسماعيل عليه السلام لأن الله جل وعز قال: وبشرناه بإسحاق نبيا فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا فهذا قد قيل، وليس [ ص: 432 ] بقاطع والله جل وعز أعلم لأن لبشارة بنبوته في ما روي بشارة ثابتة بعد الأمر بذبحه ثوابا على ما كان منه، فأما وعده بأن يكون من إسحاق ابن، فكيف يأمره بذبحه فقد يجوز أن يكون ولد لإسحاق غير ولد لأنه قد بلغ السعي فظاهر التنزيل يدل على أن الذبيح إسحاق لأنه أخبر جل وعز أنه فدى الغلام الحليم الذي بشر به إبراهيم حين قال: هب لي من الصالحين فإذا كان المفدى هو المبشر به، وقد بين أن الذي بشر به هو إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، وأن كل موضع من القرآن ذكر بتبشيره إياه بولد فهو إسحاق نبيا أي بتبشيره إياه بقوله: فبشرناه بغلام حليم إنما هو إسحاق فأما اعتلال من اعتل بأن قرني الكبش كانا معلقين في الكعبة فليس يمتنع أن يكون حمل من الشام إلى مكة على أن جماعة من العلماء قد قالوا كان الأمر بالذبح. فأما قوله: إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى فمن المشكل، وقد تكلم العلماء في معناه فقال بعضهم: كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم أمر إذا رأى رؤيا فيها كذا وكذا أن يذبح ابنه واستدل صاحب هذا القول بأنها في قراءة (إني أرى في المنام أفعل ما أمرت به) فهذه قراءة على التفسير دالة على أنه أمر بهذا قبل إذ كان مما لا يؤتى مثله برؤيا وقال صاحب هذا القول: وقد ذبحه ابن مسعود إبراهيم صلى الله عليه وسلم لأن معنى ذبحت الشيء قطعته، وليس هذا مما يجوز أن ينسخ بوجه. واستدل عليه بقول : قال مجاهد إسحاق لإبراهيم عليهما السلام: لا تنظر إلى وجهي وترحمني، ولكن اجعل وجهي إلى الأرض فأخذ إبراهيم السكين فأمرها على خلفة فانقلبت فقال له: ما لك؟ فقال: انقلبت السكين، قال: اطعني بها طعنة ففعل، ثم فداه الله جل وعز. قال فداه الله بكبش قد رعى في الجنة أربعين سنة. وقال ابن [ ص: 433 ] عباس: : ما فدى الله الحسن إسماعيل إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. قال : يقال: إنه فدي بوعل والوعل التيس الجبلي. وأهل التفسير على أنه فدي بكبش. أبو إسحاق فانظر ماذا ترى أي ماذا تأتي به من رأيك. وقرأ أهل الكوفة إلا (فانظر ماذا تري) قال عاصما : المعنى فانظر ماذا تري من صبرك أو جزعك، وأما غيره فقال: معناه ماذا تشير وأنكر الفراء "تري"، وقال: إنما يكون هذا من رؤية العين خاصة. وكذا قال أبو عبيد أبو حاتم . قال : وهذا غلط هذا يكون من رؤية العين وغيرها وهو مشهور يقال: أريت فلانا الصواب وأريته رشده، وهذا ليس من رؤية العين أبو جعفر قال يا أبت افعل ما تؤمر والقول الآخر في رؤيا إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه لم يعزم على ذبحه من أجل الرؤيا، وإنما أضجعه ينظر الأمر ألا ترى أنه قال: يا أبت افعل ما تؤمر أي إن أمرت بشيء فافعله.