والله خلق كل دابة من ماء [45]
قراءة المدنيين وأبي عمرو وسائر الكوفيين يقرءون (خالق كل دابة) والمعنيان صحيحان. أخبر الله جل وعز بخبرين ولا ينبغي أن يقال في هذا: أحد القراءتين أصح من الأخرى لأنهما يدلان على معنيين، ولكن إن قال قائل: "خلق" في هذا أكثر لأنه ليس بشيء مخصوص، وإنما يقال: خالق على العموم، كما قال جل وعز: { وعاصم الخالق البارئ المصور } وفي الخصوص { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض } وكذا { هو الذي خلقكم من نفس واحدة } .
[ ص: 144 ] فكذا يجب والله خلق كل دابة من ماء والدابة كل ما دب على الأرض من الحيوان يقال: دب، وهو داب، والهاء للمبالغة. وقيل: يعني بالماء ههنا المني كما قال: { من ماء دافق } وقيل: لما كان خلق الأرض من ماء جاء هذا هكذا. وقيل: أصل خلق النار والنور من الماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ومن مشى على أكثر من أربع فهو يمشي على أربع، وغلب ما يعقل لما اجتمع مع ما لا يعقل، لأنه المخاطب والمتعبد.
وقرأ "إنما كان قول المؤمنين" [51] الحسن
جعله اسم كان والخبر (أن يقولوا) مذعنين [49] في موضع الحال.