قسم اتفق فيه القراء على قراءته بالإفراد . وقسم اختلفوا فيه فقرأه بعضهم بالإفراد وبعضهم بالجمع . وفيما يلي الكلام على كل :
القسم الأول في بيان هاء التأنيث المتفق على قراءتها بالإفراد والمرسومة بالتاء المفتوحة
تقع هذه الهاء في التنزيل في ثلاث عشرة كلمة في واحد وأربعين موضعا وكلها في الأسماء المفردة المضافة إلى الاسم الظاهر والوقف عليها مختلف فيه بين القراء فمنهم من وقف عليها بالهاء وإجراء لهاء التأنيث على سنن واحد وهي لغة قريش . ومنهم من وقف عليها بالتاء المفتوحة وفاقا للرسم وهي لغة حمير وطيئ . وبالنسبة لحفص عن فإنه ممن وقف عليها بالتاء المفتوحة . والكلمات الثلاث عشرة التي انحصرت فيها هذه الهاءات هي : " رحمت ونعمت ولعنت وامرأت ومعصيت وشجرت وسنت وقرت وجنت وفطرت وبقيت وابنت وكلمت " . وقد تكرر منها ست كلمات وهن الخمس الأولى مع الكلمة " سنت " والسبع الباقية لم تتكرر وقد رتبناها هذا الترتيب وفقا لترتيب المقدمة الجزرية ليسهل على الطالب فهمها . عاصم
وفيما يلي تفصيل الكلام عليها واحدة واحدة فنقول وبالله التوفيق .
الكلمة الأولى : " رحمت " وقد رسمت بالتاء المفتوحة في سبعة مواضع في القرآن الكريم وهي :
[ ص: 463 ] الأول : قوله تعالى : أولئك يرجون رحمت الله بالبقرة .
الثاني : قوله تعالى : إن رحمت الله قريب من المحسنين بالأعراف.
الثالث : قوله تعالى : رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت بهود عليه الصلاة والسلام.
الرابع : قوله تعالى : ذكر رحمت ربك عبده زكريا بمريم.
الخامس : قوله تعالى : فانظر إلى آثار رحمت الله بالروم.
السادس والسابع : قوله تعالى : أهم يقسمون رحمت ربك ورحمت ربك خير مما يجمعون الموضعان بالزخرف. وما سوى هذه المواضع فإنها بالهاء المربوطة رسما ووقفا بالإجماع نحو قوله تعالى : لا تقنطوا من رحمة الله بالزمر .
الكلمة الثانية : " نعمت " وقد رسمت بالتاء المفتوحة في القرآن في أحد عشر موضعا وهي كالتالي :
الأول : قوله تعالى : واذكروا نعمت الله عليكم وما أنـزل عليكم بالبقرة .
الثاني : قوله تعالى : واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء بآل عمران .
الثالث : قوله تعالى : اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم بالمائدة .
الرابع والخامس : قوله تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله وقوله [ ص: 464 ] سبحانه : وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها الموضعان بإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
السادس والسابع والثامن : قوله تعالى : وبنعمت الله هم يكفرون يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون الثلاثة بالنحل.
التاسع : قوله تعالى : ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله بلقمان.
العاشر : قوله تعالى : يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم بفاطر جل وعلا.
الحادي عشر : قوله سبحانه : فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون بالطور . وما عدا هذه المواضع فبالهاء المربوطة رسما ووقفا بالإجماع كقوله تعالى : واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به الموضع الأول بالمائدة وقوله سبحانه : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها بالنحل .
الكلمة الثالثة : " لعنت " قد رسمت بالتاء المفتوحة في موضعين اثنين في التنزيل .
أولهما : قوله تعالى : وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين الموضع الأول بآل عمران .
وثانيهما : قوله تعالى : والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين [ ص: 465 ] بالنور . وما سوى هذين الموضعين فبالهاء المربوطة رسما ووقفا لجميع القراء كقوله تعالى : أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين بالبقرة وقوله عز شأنه : أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين الموضع الثاني بآل عمران .
الكلمة الرابعة : " امرأت " وشرط رسم هذه الكلمة بالتاء المفتوحة ذكرها مع زوجها ووقعت في التنزيل بهذا الشرط في سبعة مواضع وهي كالتالي :
الأول : قوله تعالى : إذ قالت امرأت عمران بآل عمران .
الثاني والثالث : قوله تعالى : وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق الموضعان بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام .
الرابع : قوله تعالى : وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك بالقصص .
الخامس والسادس والسابع : قوله تعالى : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط وقوله سبحانه : وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون الثلاثة بالتحريم . ولم يوجد في التنزيل لفظ امرأت مضافا إلى الاسم الظاهر إلا هذه المواضع السبعة .
أما لفظ امرأة في الاسم المفرد غير المضاف للظاهر فهو متفق عليه بين جميع القراء في أنه مرسوم بالهاء المربوطة والوقف عليه كذلك كقوله تعالى : وامرأة مؤمنة بالأحزاب وما شابهها كما تقدم .
[ ص: 466 ] الكلمة الخامسة : " معصيت " قد رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضعين اثنين لا ثالث لهما في القرآن الكريم .
أولهما : قوله تعالى : ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول
وثانيهما : قوله تعالى : فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول والموضعان بالمجادلة .
الكلمة السادسة : " شجرت " رسمت بالتاء المفتوحة في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى : إن شجرت الزقوم طعام الأثيم بالدخان وما سوى هذا الموضع فبالهاء المربوطة رسما وقفا بالإجماع كقوله تعالى : هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى بطه عليه الصلاة والسلام، وقوله سبحانه : أذلك خير نـزلا أم شجرة الزقوم بالصافات .
الكلمة السابعة : " سنت " رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في القرآن الكريم في خمسة مواضع هي :
الأول : قوله تعالى : وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين بالأنفال .
الثاني والثالث والرابع : قوله تعالى : فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا الثلاثة بسورة فاطر جل وعلا .
الخامس : قوله تعالى : سنت الله التي قد خلت في عباده آخر سورة غافر عز وجل وما عدا هذه المواضع الخمسة فبالهاء المربوطة رسما ووقفا للجميع كقوله [ ص: 467 ] تعالى : سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا بالإسراء . وقوله سبحانه : ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا الموضع الثاني قوله : " سنة الله في الذين خلوا من قبل " الموضعان بالأحزاب وما شابه ذلك .
الكلمة الثامنة : " قرت " رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضع واحد في التنزيل وهو قوله سبحانه : وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه بالقصص وما سواه فبالهاء المربوطة رسما ووقفا بالإجماع كقوله تعالى : هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين بالفرقان وقوله سبحانه : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين بالسجدة " الم " .
الكلمة التاسعة : " جنت " قد رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى : فروح وريحان وجنت نعيم بالواقعة وما عداه فبالهاء المربوطة رسما ووقفا للجميع بالاتفاق كقوله تعالى : قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون بالفرقان . وقوله سبحانه : واجعلني من ورثة جنة النعيم بالشعراء .
الكلمة العاشرة : " فطرت " هذه الكلمة لا نظير لها في القرآن الكريم وقد رسمت بالتاء المفتوحة في قوله عز شأنه : فطرت الله التي فطر الناس عليها بالروم .
الكلمة الحادية عشرة : " بقيت " رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى : بقيت الله خير لكم بسورة [ ص: 468 ] سيدنا هود عليه الصلاة والسلام وليس في القرآن الكريم غير هذه الكلمة مضافة إلى الاسم الظاهر .
أما لفظ بقية في الاسم المفرد غير المضاف إلى الاسم الظاهر فنحو قوله تعالى : وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون بالبقرة وهذا ونحوه من المتفق عليه بين عامة القراء على أنه بالهاء المربوطة رسما ووقفا كما مر .
الكلمة الثانية عشرة : " ابنت " هذه الكلمة من الكلمات التي لا نظير لها في القرآن الكريم وقد رسمت بالتاء المفتوحة في قوله تعالى : ومريم ابنت عمران بالتحريم .
الكلمة الثالثة عشرة : " كلمت " هذه الكلمة رسمت بالتاء المفتوحة على المعتمد في موضع واحد في التنزيل في قوله تعالى : وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا بالأعراف وما عداه فبالهاء المربوطة رسما وقفا للجميع كقوله تعالى : وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا بالتوبة وقوله سبحانه : وألزمهم كلمة التقوى بالفتح وما إلى ذلك .
وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى الثلاث عشرة كلمة المتقدمة بقوله :
ورحمت الزخرف بالتا زبره الأعراف روم هود كاف البقره نعمتها ثلاث نحل إبرهم
معا أخيرات عقود الثاني هم لقمان ثم فاطر كالطور
عمران لعنت بها والنور وامرأت يوسف عمران القصص
تحريم معصيت بقد سمع يخص شجرت الدخان سنت فاطر
كلا والأنفال وحرف غافر قرت عين جنت في وقعت
فطرت بقيت وابنت وكلمت أوسط الأعراف . . .
. . . . . . . . . . . . . . .
" تتمة " : يلحق بهذا القسم ست كلمات رسمت بالتاء المفتوحة . منها ثلاث كلمات مضافة إلى الاسم الظاهر والثلاث الأخرى غير مضافة .
أما الكلمات الثلاثة المضافة :
فأولاها : كلمة " ذات " في قوله تعالى : به حدائق ذات بهجة ما بالنمل فقط .
أما كلمة " ذات " في غير موضع النمل فبالتاء المفتوحة رسما ووقفا للجميع بالإجماع نحو قوله تعالى : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم بالأنفال . وقوله [ ص: 470 ] سبحانه : يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور بالتغابن ونحوها .
وثانيها : كلمة " مرضات " في قوله تعالى : " ابتغاء مرضات الله " في موضعي البقرة وموضع النساء وقوله سبحانه : تبتغي مرضات أزواجك بالتحريم .
وثالثها : كلمة " ولات " في قوله تعالى : ولات حين مناص بـ " ص " .
أما الكلمات الثلاث غير المضافة .
فأولاها : كلمة " يا أبت " وهي في سورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام وسورة مريم والقصص والصافات .
وثانيها : كلمة " هيهات " في قوله تعالى : هيهات هيهات لما توعدون في الموضعين بالمؤمنون .
وثالثها : كلمة " اللات " في قوله تعالى : أفرأيتم اللات والعزى بالنجم . وقد نظم هذه الكلمات الست الملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية بقوله :
واللات مع لات كذا مرضات ويأبت وذات مع هيهات
[ ص: 471 ] وأما حكم الوقف عليها فمختلف فيه بين القراء، فمنهم من وقف بالتاء المفتوحة . تبعا للرسم . ومنهم من وقف بالهاء المربوطة خلافا له مع صحته في الرواية وتفصيل ذلك مبسوط في كتب الخلاف تركنا ذكره هنا طلبا للاختصار . وبالنسبة لحفص عن فإنه وقف على جميعها بالتاء المفتوحة موافقة لرسم المصحف الشريف فتأمل . عاصم