[ ص: 363 ] الباب الثاني عشر
في معرفة الوقف والابتداء والقطع والسكت
محتويات الباب
1 - التمهيد للدخول إلى الباب.
2 - الفصل الأول: في تعريف الوقف وأقسامه، وفيه:
(أ) الكلام على الوقف التام والأصل فيه. (ب) الكلام على الوقف الكافي والأصل فيه. (ج) الكلام على الوقف الحسن والأصل فيه. (د) الكلام على الوقف القبيح والأصل فيه. 3 – الفصل الثاني: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه، وفيه تنبيهان.
4 – الفصل الثالث: في تعريف القطع والسكت.
5 – الخاتمة نسأل الله تعالى حسنها.
[ ص: 364 ] [ ص: 365 ] التمهيد للدخول إلى الباب
من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء؛ فإنهما من مباحثه بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات، وينبغي لكل معني بتلاوة القرآن الكريم، مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها - أن يقبل عليها، ويصرف همته إليها؛ إذ لا يتحقق فهم كلام الله تعالى، ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك، فربما يقف القارئ قبل تمام المعنى ولا يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده، وعندئذ لا يفهم هو ما يقول ولا يفهمه السامع، بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير المعنى المراد، وهذا فساد عظيم، وخطر جسيم، لا تصح به القراءة، ولا توصف به التلاوة.
وقد لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم أجمعين - فقد ثبت أن الإمام أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارئ معرفة الوقف والابتداء؛ - رضي الله عنه - لما سئل عن قوله تعالى: عليا ورتل القرآن [المزمل: 4] فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف .
وذكر الإمام في كتابه "القطع والائتناف" بإسناده إلى أبو جعفر النحاس - رضي الله عنهما – قال - أي ابن عمر - : "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا [ ص: 366 ] ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد - صلى الله عليه وسلم - فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأيت اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدقل " اهـ منه بلفظه. ابن عمر
وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير.
قال الإمام : فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام كما يتعلمون القرآن، وقول أبو جعفر النحاس : "لقد عشنا برهة من دهرنا" يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة، اهـ بلفظه. ابن عمر
وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام - دليل على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام علي - رضي الله عنه - رضي الله عنهما - برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة - رضي الله عنهم - وصح - بل وتواتر - عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح ابن عمر إمام أهل كأبي جعفر يزيد بن القعقاع المدينة ، الذي هو من أعيان التابعين، وصاحبه الإمام ، نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمي، ، وغيرهم من الأئمة، وكلامهم في ذلك معروف، ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب، اهـ بلفظه. وعاصم بن أبي النجود
[ ص: 367 ] وقد نقل الإمام القسطلاني شارح في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام البخاري الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله - الوقف حلية التلاوة، وزينة القارئ، وبلاغ التالي، وفهم للمستمع، وفخر للعالم، وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين، والنقيضين المتباينين، والحكمين المتغايرين" اهـ. الهذلي
ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا، فأفردوه بالتصنيف الخاص به، منهم الإمام ، والإمام أبو بكر بن الأنباري ، والحافظ أبو جعفر النحاس ، والحافظ أبو عمرو الداني ابن الجزري، وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم، وشيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري، والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبد الكريم الأشموني ، وخلق غير هؤلاء، رحمهم الله أجمعين، ونفعنا بعلومهم، آمين.
هذا، وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة، نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة:
فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه.
وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه.
وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت.
وأما الخاتمة ففي التنبيه على انتهاء الكلام على صفات الحروف العرضية، التي أشرنا إليها في باب الصفات.
ولكل كلام خاص نوضحه فيما يلي: