الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( ومن nindex.php?page=treesubj&link=9144_23610_9306خنق رجلا حتى قتله فالدية على عاقلته عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ) وهي مسألة القتل بالمثقل ، وسنبين في باب الديات إن شاء الله تعالى ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=9839_9864خنق في المصر غير مرة قتل به ) ; لأنه صار ساعيا في الأرض بالفساد فيدفع شره بالقتل ، والله تعالى أعلم .
( قوله : ومن nindex.php?page=treesubj&link=9144_23610_9306خنق رجلا حتى قتله لزمته الدية على عاقلته عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وهي مسألة القتل بالمثقل ، وسنبينه إن شاء الله تعالى في الديات ) وظاهر أنها ليست مسألة المثقل ، وإنما المعنى أنها مثلها في ثبوت الشبهة عنده في العمد حيث كانت الآلة فيها قصور يوجب التردد في أنه قصد قتله بهذا الفعل أو قصد المبالغة في إيلامه وإدخال الضرر على نفسه فاتفق موته وعدم احتماله لذلك ( فإن خنق غير مرة قتل ) الآن ; لأنه ظهر قصده إلى القتل بالتخنيق حيث عرف إفضاؤه إلى القتل ثم صار يعتمده ( ولأنه صار ساعيا في الأرض بالفساد ) وكل من كان كذلك ( يدفع شره بالقتل ) .
[ فروع ]
نص في الأصل على أن nindex.php?page=treesubj&link=9802العبد والمرأة في حكم قطع الطريق كغيرهما ، أما العبد فظاهر ، وأما المرأة فكغيرها في السرقة الكبرى في ظاهر الرواية ، وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي لأن الواجب قطع وقتل وهي كالرجل في جريان كل منهما عليها عند تحقق السبب منها . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أن حد قطاع الطريق لا يجب على النساء ، لأن [ ص: 433 ] السبب هو المحاربة ، والمرأة بأصل الخلقة ليست محاربة كالصبي ; ألا يرى أنها في استحقاق ما يستحق بالمحاربة وهو السهم من الغنيمة لا يسوى بين الرجل والمرأة فكذا في العقوبة المستحقة بالمحاربة ، ولكن يرد على هذا العبد فإنه لا يساوي الحر في استحقاق الغنيمة ويساويه في هذا الحد . وفي الصبيان والمجانين لعدم أهلية العقوبة وذلك لا يوجد في النساء . وذكر هشام في نوادره عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : إذا nindex.php?page=treesubj&link=9802_9861قطع قوم الطريق ومعهم امرأة فباشرت المرأة القتل وأخذت المال دون الرجال فإنه يقام الحد عليهم لا عليها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : يقام عليها ولا يقام عليهم . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : أنه يدرأ عنهم جميعا لكون المرأة فيهم وجعل المرأة كالصبي .
والعجب ممن يذكر هذه ، أعني كون المرأة مع الرجال في القطع ثم يقتصر على ذكر الخلاف بين nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد فيها ويذكر حاصل هاتين الروايتين عنهما ويترك نقل ما في المبسوط من أنها كالرجال منسوبا إلى ظاهر الرواية مع مساعدة الوجه وورود النقض الصحيح على مختار nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي بالعبد كما ذكرنا . وممن نقل ذلك صاحب الدراية وصاحب الفتاوى الكبرى والمصنف في التجنيس وغيرهم مع ضعف الأوجه المذكورة في التفرقة مثل الفرق بضعف البينة في أصل الخلقة ، ومثل ذلك من الكلام الضعيف مع مصادمته إطلاق الكتاب المحاربين ولا قوة إلا بالله . وما في النوازل من قوله nindex.php?page=treesubj&link=9802_9865عشر نسوة قطعن الطريق فقتلن وأخذن المال قتلن وضمن المال بناء على غير الظاهر من أنهن لسن محاربات . وعلله بأن المرأة إذا قاتلت العدو وأسرت لم تقتل ، وإنما قتلن بقتلهن والضمان لأخذهن المال ،
nindex.php?page=treesubj&link=9830ويثبت قطع الطريق بالإقرار مرة واحدة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف شرط مرتين كقوله في السرقة الصغرى ويقبل رجوع القاطع كما في السرقة الصغرى فيسقط الحد ويؤخذ بالمال إن كان أقر به معه وبالبينة بشهادة اثنين على معاينة القطع أو الإقرار ، فلو شهد أحدهما بالمعاينة ، والآخر على إقرارهم به لا يقبل ، ولا تقبل الشهادة بالقطع على أبي الشاهد وإن علا وابنه وإن سفل ، ولو قالا قطعوا علينا وعلى أصحابنا وأخذوا مالنا لا يقبل لأنهما شهدا لأنفسهما ، ولو شهدوا أنهم قطعوا على رجل من عرض الناس وله ولي يعرف أو لا يعرف لا يقيم الحد عليهم إلا بمحضر من الخصم ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=9819_9807قطعوا في دار الحرب على تجار مستأمنين أو في دار الإسلام في موضع غلب عليه أهل البغي ثم أتى بهم إلى الإمام لا يمضي عليهم الحد ; لأنهم باشروا السبب حين لم يكونوا تحت يده ، وفي موضع لا يجري به حكمه فلم ينعقد فعلهم موجبا عليه الإقامة عليهم فلا يفعله ، ومثله تقدم في الزنا في دار الحرب .
ولو رفعوا إلى قاض يرى تضمينهم المال فضمنهم وسلمهم إلى أولياء القود فصالحوهم على الديات ثم رفعوا بعد زمان إلى قاض آخر لم يقم عليهم الحد ، إما لتقادم العهد وفيه نظر ، أو لعدم الخصم وقد سقط خصومتهم بما وصل إليهم أو لقضاء الأول فيتم بذلك لنفاذه ; إذ هو في فصل مجتهد فيه من تقرر الضمان . وإذا قضى القاضي عليهم بالقتل وحبسهم لذلك فذهب أجنبي فقتلهم .
لا شيء عليه ، وكذا لو قطع يده ; لأنه لما سقطت حرمة نفسه سقطت حرمة أطرافه ، ولو قتله قبل الثبوت عليه ثم قامت البينة بقطعه للطريق اقتص منه ; لأنه قتل نفسا معصومة ، ثم لا يقضي القاضي بحل دمه بهذه البينة بعد ما قتل لفوات المحل ، فوجود هذه البينة كعدمها ، إلا أن يكون القاتل ولي الذي قتله القاطع في قطع الطريق فلا يلزمه شيء لظهور أنه استوفى حق نفسه .
ولو أن nindex.php?page=treesubj&link=16800_9149_9922_9881لصوصا أخذوا متاع قوم فاستعانوا بقوم وخرجوا في طلبهم إن كان أرباب المتاع معهم حل قتالهم ، وكذا إذا غابوا والخارجون يعرفون مكانهم ويقدرون على رد المتاع [ ص: 434 ] عليهم ، وإن كانوا لا يعرفون مكانهم ولا يقدرون على الرد عليهم لا يجوز لهم أن يقاتلوهم ; لأن القتال للاسترداد للرد على أرباب الأموال ولا قدرة على الرد ، ولو اقتتلوا مع قاطع فقتلوه لا شيء عليهم ; لأنهم قتلوه لأجل مالهم ، فإن فر منهم إلى موضع أو تركوه لا يقدر على قطع الطريق عليهم فقتلوه كان عليهم الدية ; لأنهم قتلوه لا لأجل مالهم ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=9280_23634فر رجل من القطاع فلحقوه وقد ألقى نفسه في مكان لا يقدر معه على قطع الطريق فقتلوه كان عليهم الدية ; لأن قتلهم إياه لا لأجل الخوف على الأموال ،
nindex.php?page=treesubj&link=9922_9909_16800ويجوز للرجل أن يقاتل دون ماله وإن لم يبلغ نصابا ويقتل من يقاتله عليه لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=36996من قتل دون ماله فهو شهيد } .