قال ( وتمنعه أن يخرجها ) أي يسافر بها ليتعين حقها في البدل كما تعين حق الزوج في المبدل فصار كالبيع ، وليس للزوج أن يمنعها من السفر والخروج من منزله وزيارة أهلها حتى يوفيها المهر كله : أي المعجل منه [ ص: 371 ] لأن حق الحبس لاستيفاء المستحق ، وليس له حق الاستيفاء قبل الإيفاء ، ولو كان المهر كله مؤجلا ليس لها أن تمنع نفسها لإسقاطها حقها بالتأجيل كما في البيع . [ ص: 372 ] فيه خلاف وللمرأة أن تمنع نفسها حتى تأخذ المهر ، وإن دخل بها فكذلك الجواب عند أبي يوسف أبي حنيفة وقالا : ليس لها أن تمنع نفسها . والخلاف فيما إذا كان الدخول برضاها حتى لو كانت مكرهة أو كانت صبية أو مجنونة لا يسقط حقها في الحبس بالاتفاق ، وعلى هذا الخلاف الخلوة بها برضاها . ويبتني على هذا استحقاق النفقة .لهما أن المعقود عليه كله قد صار مسلما إليه بالوطأة الواحدة وبالخلوة ، ولهذا يتأكد بها جميع المهر فلم يبق لها حق الحبس ، كالبائع إذا سلم المبيع . وله أنها منعت منه ما قابل البدل ; لأن كل وطأة تصرف في البضع المحترم فلا يخلى عن العوض إبانة لخطره ، والتأكيد بالواحدة لجهالة ما وراءها فلا يصلح مزاحما للمعلوم . ثم إذا وجد آخر وصار معلوما تحققت المزاحمة وصار المهر مقابلا بالكل ، كالعبد إذا جنى جناية يدفع كله بها ، ثم إذا جنى جناية أخرى وأخرى يدفع بجميعها ، وإذا أوفاها مهرها [ ص: 373 ] نقلها إلى حيث شاء لقوله تعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } ، وقيل لا يخرجها إلى بلد غير بلدها ; لأن الغريب يؤذى وفي قرى المصر القريبة لا تتحقق الغربة . .