[ ص: 2451 ] nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=18وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير
بين سبحانه وتعالى في الآيات السابقة سلطانه في خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وإحاطة علمه سبحانه ومعرفته للسر والجهر، وتلقي المشركين لبيان تلك الحقائق مع الإعجاز الدال على صدق الأخبار النبوية بالتكذيب والاستهزاء، والإعراض عن البينات من الآيات، وطلبهم آيات أخرى، وبين سبحانه أنه ما دام الإعراض، وما دام الجحود مستوليا على نفوسهم، فلن تجدي معهم آية; لأن ما سيق إليهم كاف، ولأنهم يكذبون حسهم ما دام إنكارهم سابقا لتلقيهم، وقد ضرب لهم سبحانه الأمثال بما وقع للسابقين، ونبههم سبحانه إلى ملكيته لكل ما في السماوات والأرض، وفي الآيات التي نتكلم في معناها بيان لسلطانه وعلمه الكامل بكل ما فيها، وما ينبغي أن يكون أثرا لعلمه سبحانه وتعالى بذلك، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم [ ص: 2452 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13سكن هنا من السكون بمعنى الاستقرار، والمعنى: ولله سبحانه وتعالى كل ما استقر وأقام في السماوات وفي الأرض من حيوان وجن وما احتويا من نبات وجماد وبحار وجبال ووهاد ومعادن ولآلئ، والتعبير بـ: "ما" في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله ما سكن للدلالة على العموم.
وقد يراد السكون الذي هو ضد الحركة؛ لأنه لا سكون إلا معه حركة؛ إذ إن السكون معنى نسبي لا يتحقق إلا إذا كان معه حركة، وإذا كان الله تعالى، يعلم السكون لكل ما في السماوات والأرض فهو سبحانه يعلم الحركة والسكون، وأنه لا مانع من أن يراد المعنيان معا؛ إذ يعلم سبحانه كل ما استقر في السماوات والأرض، ويعلم حركاتهما وسكناتهما.
ويعلم ذلك في الليل والنهار، ويملك كل ذلك، فالنص الكريم يدل على ملكية الله تعالى لكل ما في السماوات والأرض عامة، بلا استثناء ويعلم ما في كل الأماكن، وفي عموم الأزمان، بلا استثناء ليل ولا نهار.
وهو مع هذه الملكية الكاملة يديرها بعلم كامل، ويهيمن عليها بقدرة قاهرة، وإرادة مسيطرة، وعلم دقيق لذلك قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وهو السميع العليم أي: أنه سبحانه وتعالى يسمع دبيب النمل من غير أذن، ويعلم كل ما كان أو سيكون من غير مشابهة في سمعه وعلمه للمخلوقات
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وهو السميع البصير لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
وفي هذا النص الكريم إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى يملك الناس وما حولهم لا يخرجون عن قدرته، وهو المهيمن عليهم، إن شاء خسف بمن يخالفه، وأهلكهم، ولم يجعل من الكافرين ديارا، وأنه عليم بما يكون من الطائعين، فيجزيهم ويهديهم، وما يكون من العصاة، فيعاقبهم ويرديهم، وفيه إنذار للمشركين.
[ ص: 2451 ] nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=18وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ سُلْطَانَهُ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَجَعْلِ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ، وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ وَمَعْرِفَتِهِ لِلسِّرِّ وَالْجَهْرِ، وَتَلَقِّي الْمُشْرِكِينَ لِبَيَانِ تِلْكَ الْحَقَائِقِ مَعَ الْإِعْجَازِ الدَّالِّ عَلَى صِدْقِ الْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ بِالتَّكْذِيبِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْبَيِّنَاتِ مِنَ الْآيَاتِ، وَطَلَبِهِمْ آيَاتٍ أُخْرَى، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مَا دَامَ الْإِعْرَاضُ، وَمَا دَامَ الْجُحُودُ مُسْتَوْلِيًا عَلَى نُفُوسِهِمْ، فَلَنْ تُجْدِي مَعَهُمْ آيَةٌ; لِأَنَّ مَا سِيقَ إِلَيْهِمْ كَافٍ، وَلِأَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَ حِسَّهُمْ مَا دَامَ إِنْكَارُهُمْ سَابِقًا لِتَلَقِّيهِمْ، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُمْ سُبْحَانَهُ الْأَمْثَالَ بِمَا وَقَعَ لِلسَّابِقِينَ، وَنَبَّهَهُمْ سُبْحَانَهُ إِلَى مِلْكِيَّتِهِ لِكُلِّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَفِي الْآيَاتِ الَّتِي نَتَكَلَّمُ فِي مَعْنَاهَا بَيَانٌ لِسُلْطَانِهِ وَعِلْمِهِ الْكَامِلِ بِكُلِّ مَا فِيهَا، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَثَرًا لِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [ ص: 2452 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13سَكَنَ هُنَا مِنَ السُّكُونِ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ، وَالْمَعْنَى: وَلِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كُلُّ مَا اسْتَقَرَّ وَأَقَامَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ مِنْ حَيَوَانٍ وَجِنٍّ وَمَا احْتَوَيَا مِنْ نَبَاتٍ وَجَمَادٍ وَبِحَارٍ وَجِبَالٍ وَوِهَادٍ وَمَعَادِنَ وَلَآلِئَ، وَالتَّعْبِيرُ بِـ: "مَا" فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَلَهُ مَا سَكَنَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ.
وَقَدْ يُرَادُ السُّكُونُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سُكُونَ إِلَّا مَعَهُ حَرَكَةٌ؛ إِذْ إِنَّ السُّكُونَ مَعْنًى نِسْبِيٌّ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا إِذَا كَانَ مَعَهُ حَرَكَةٌ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى، يَعْلَمُ السُّكُونَ لِكُلِّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَهُوَ سُبْحَانُهُ يَعْلَمُ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ، وَأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَيَانِ مَعًا؛ إِذْ يَعْلَمُ سُبْحَانَهُ كُلَّ مَا اسْتَقَرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَيَعْلَمُ حَرَكَاتِهِمَا وَسَكَنَاتِهِمَا.
وَيَعْلَمُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَيَمْلِكُ كُلَّ ذَلِكَ، فَالنَّصُّ الْكَرِيمُ يَدُلُّ عَلَى مِلْكِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِكُلِّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَامَّةً، بِلَا اسْتِثْنَاءٍ وَيَعْلَمُ مَا فِي كُلِّ الْأَمَاكِنِ، وَفِي عُمُومِ الْأَزْمَانِ، بِلَا اسْتِثْنَاءِ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ.
وَهُوَ مَعَ هَذِهِ الْمِلْكِيَّةِ الْكَامِلَةِ يُدِيرُهَا بِعِلْمٍ كَامِلٍ، وَيُهَيْمِنُ عَلَيْهَا بِقُدْرَةٍ قَاهِرَةٍ، وَإِرَادَةٍ مُسَيْطِرَةٍ، وَعِلْمٍ دَقِيقٍ لِذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أَيْ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَسْمَعُ دَبِيبَ النَّمْلِ مِنْ غَيْرِ أُذُنٍ، وَيَعْلَمُ كُلَّ مَا كَانَ أَوْ سَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ مُشَابَهَةٍ فِي سَمْعِهِ وَعِلْمِهِ لِلْمَخْلُوقَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
وَفِي هَذَا النَّصِّ الْكَرِيمِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَمْلِكُ النَّاسَ وَمَا حَوْلَهُمْ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ قُدْرَتِهِ، وَهُوَ الْمُهَيْمِنُ عَلَيْهِمْ، إِنْ شَاءَ خَسَفَ بِمَنْ يُخَالِفُهُ، وَأَهْلَكَهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، وَأَنَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَكُونُ مِنَ الطَّائِعِينَ، فَيَجْزِيهِمْ وَيَهْدِيهِمْ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الْعُصَاةِ، فَيُعَاقِبُهُمْ وَيُرْدِيهِمْ، وَفِيهِ إِنْذَارٌ لِلْمُشْرِكِينَ.