فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ؛ الفاء أيضا للإفصاح؛ أي: إذا كانوا قد مكروا ودبرنا لحماية الحق فتلك بيوتهم خاوية؛ والإشارة إلى البقاع التي كانت لثمود؛ وقد أهلكهم الله (تعالى) بالصيحة؛ و خاوية أي: فارغة؛ لا ساكن فيها؛ ولا أحد يجيء إليها؛ ويكون من " خوى " ؛ إذا فرغ؛ وخلا؛ ويكون تشبيها لأرضهم في خلوها من أهل؛ بالبطن إذا خلت من الطعام؛ وكان المآل الهلاك والبوار؛ فإن المكان الخالي من السكان مآله البعد؛ وأما أن " خوى " ؛ بمعنى: سقط؛ فهي ساقطة متهدمة؛ من قولهم: " خوى النجم " ؛ إذا سقط وتهدم.
ولقد استغلظت قريش في معاملتها للمؤمنين الذين كانوا الخلية الأولى للإيمان؛ واستهانوا بهم؛ وحسبوا أنفسهم الأقوياء على الرسول؛ وهذا الذي فعله - سبحانه - مع ثمود آية لهم دالة على أن هلاكهم يسير إذا أراد الله؛ ولذا قال (تعالى): إن في ذلك لآية لقوم يعلمون ؛ أي: لآية دالة؛ ما يعقب الكفر والاعتداء؛ لقوم يعقلون؛ وهذا دعوة لقريش ليعقلوا ويتدبروا عاقبة أمرهم.
هذا هلاك الكافرين المعتدين؛ أما الذين آمنوا فقد نجاهم الله؛ فقال: وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ؛ أي: الذين أذعنوا للحق وآمنوا به؛ وهدموا الأوثان؛ وكان من شأنهم التقوى وخوف الله (تعالى) ووقاية أنفسهم من غضب الله؛ ورجاء رحمته؛ وعبر بالمضارع لتصوير حالهم في تقواهم.