ولقد أكد - سبحانه - إحاطة علمه؛ فقال (تعالى): يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور "ما بين أيديهم "؛ وهو الحاضر المهيأ؛ وسمي بين أيديهم؛ لأنه أمامهم؛ فشبه علم حاضر بما يكون مهيأ معدا؛ "وما خلفهم "؛ "الخلف "؛ يطلق على ما هو خلف الإنسان؛ وهو ضد القدام؛ فهو يطلق على الماضي والقابل؛ وهو الذي يخلفه من بعده؛ ولعله من الخلافة؛ وقد فسر بالقابل الذي لم يقع؛ ويكون المعنى: يعلم حاضرهم؛ وقابلهم الذي يخلف ذلك الحاضر؛ والضمير في قوله (تعالى): ما بين أيديهم وما خلفهم قيل: يعود إلى الرسل؛ والظاهر أنه يعود إلى الذين يبلغهم الرسل؛ فالضمير يعود إلى كل الناس؛ ولذا عقب الآية بقوله: وإلى الله ترجع [ ص: 5033 ] الأمور أي أن الأمور كلها ترجع إليه وحده؛ يوم القيامة؛ ليحاسب كل نفس بما كسبت؛ وتجد كل نفس ما عملت محضرا؛ من خير؛ أو من شر؛ ويكون له وحده الجزاء؛ وفي تقديم الجار والمجرور بيان أن المرجع إليه وحده؛ وله وحده الحساب؛ وهو بكل شيء عليم.