فضل مندوب إليه، مستحب، الرضا واجب على المؤمن حتم . والصبر فإن الله أمر به، ووعد عليه جزيل الأجر . قال الله عز وجل: وفي الصبر خير كثير، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وقال: وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون قال الرضا عزيز، ولكن الصبر معول المؤمن . الحسن:
أن الصبر: كف النفس وحبسها عن التسخط مع وجود الألم، وتمني زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل : بمقتضى الجزع، والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال ذلك المؤلم، وإن وجد الإحساس بالألم، لكن الرضا يخففه، لما يباشر [ ص: 132 ] القلب من روح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرضا، فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية . كان العقلاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل، وقد روي أن والفرق بين الرضا والصبر: سمعه قبل إسلامه يدعي أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر، وإنك لتعلم يا عمرو بن العاص عمرو ، فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب .
وقال بعض المتقدمين: صور ما شئت في قلبك، وتفكر فيه، ثم قسه إلى ضده، فإنك إذا ميزت بينهما، عرفت الحق من الباطل، والصدق من الكذب، قال: كأنك تصور محمدا - صلى الله عليه وسلم -، ثم تتفكر فيما أتى به من القرآن فتقرأ: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس الآية، ثم تتصور ضد محمد - صلى الله عليه وسلم - تجده مسيلمة، فتتفكر فيما جاء به فتقرأ:
ألا يا ربة المخدع . لقد هيئ لك المضجع
يعني: قوله لسجاح حين تزوج بها، قال: فترى هذا - يعني القرآن - رصينا عجيبا، يلوط بالقلب، ويحسن في السمع، وترى ذا - يعني قول مسيلمة - باردا غثا فاحشا، فتعلم أن محمدا حق أتي بوحي، وأن مسيلمة كذاب أتي بباطل .