[ ص: 233 ] فصل : و " الأفعال نوعان " : متعد ولازم . فالمتعدي مثل : الخلق والإعطاء ونحو ذلك واللازم : مثل الاستواء والنزول والمجيء والإتيان . قال تعالى : { الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش } فذكر الفعلين : المتعدي واللازم وكلاهما حاصل بمشيئته وقدرته وهو متصف به ; وقد بسط هذا في غير هذا الموضع . والمقصود هنا : أن القرآن يدل على " هذا الأصل " في أكثر من مائة موضع . وأما " الصحيحة " فلا يمكن ضبطها في هذا الباب كما في الصحيحين : عن الأحاديث زيد بن خالد الجهني { بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل ثم قال : أتدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟ قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا ونوء كذا وكذا ; فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب } " . أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الصبح
وفي الصحاح حديث الشفاعة " { } " وهذا بيان أن الغضب حصل في ذلك اليوم لا قبله . وفي الصحيح : ( { فيقول كل من الرسل إذا أتوا إليه : إن ربي قد غضب اليوم غضبا [ ص: 234 ] لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله } فقوله : إذا تكلم الله بالوحي سمع يدل على أنه يتكلم به حين يسمعونه وذلك ينفي كونه أزليا وأيضا فما يكون كجر السلسلة على الصفا يكون شيئا بعد شيء والمسبوق بغيره لا يكون أزليا . وكذلك في الصحيح " { إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات كجر السلسلة على الصفوان الحمد لله رب العالمين } قال الله : حمدني عبدي فإذا قال : { الرحمن الرحيم } قال الله : أثنى علي عبدي . فإذا قال { مالك يوم الدين } قال الله : مجدني عبدي ; فإذا قال : { إياك نعبد وإياك نستعين } قال الله هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ; فإذا قال : { اهدنا الصراط المستقيم } { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال الله : هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل } فقد أخبر أن العبد إذا قال { يقول الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ; فإذا قال : { الحمد لله } قال الله : حمدني فإذا قال { الرحمن الرحيم } قال الله : أثنى علي عبدي الحديث .
وفي الصحاح حديث النزول " { } " فهذا قول وفعل في وقت معين وقد اتفق ينزل ربنا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ السلف على أن " النزول " [ ص: 235 ] فعل يفعله الرب كما قال ذلك الأوزاعي وحماد بن زيد والفضيل بن عياض وغيرهم . وأيضا فقد قال صلى الله عليه وسلم " { وأحمد بن حنبل } " وفي الحديث الصحيح الآخر " { لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته } " أذن يأذن أذنا : أي استمع يستمع استماعا { ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به وأذنت لربها وحقت } . فأخبر أنه يستمع إلى هذا وهذا . وفي الصحيح " { } " فأخبر أنه لا يزال يتقرب بالنوافل بعد الفرائض . لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ; وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تعالى قال : " { } " وحرف " إن " حرف الشرط ; والجزاء يكون بعد الشرط فهذا يبين أنه يذكر العبد إن ذكره في نفسه وإن ذكره في ملإ ذكره في ملإ خير منهم والمنازع يقول ما زال يذكره أزلا وأبدا ثم يقول : ذكره وذكر غيره وسائر ما يتكلم الله به هو شيء واحد لا يتبعض ولا يتعدد فحقيقة قوله إن الله لم يتكلم ولا يتكلم ولا يذكر أحدا . [ ص: 236 ] وفي صحيح قال الله أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ; إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملإ خير منهم مسلم في حديث تعليم الصلاة " { } " فقوله : سمع الله لمن حمده ; لأن الجزاء بعد الشرط فقوله " يسمع الله لكم " مجزوم حرك لالتقاء الساكنين وهذا يقتضي أنه يسمع بعد أن تحمدوا . وإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ; يسمع الله لكم فإن الله قال على لسان نبيه سمع الله لمن حمده