الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل رحمه الله تعالى عن الصبي إذا رضع من غير أمه ; وكذلك الصبية إذا رضعت : ماذا يحرم عليه نكاحه بعد ذلك ؟ وما حد الرضعة المحرمة ؟ وهل للرضاعة بعد الفطام تأثير في التحريم ؟ وهل تبقى المرأة حرام على من تعدى سنين الرضاعة أم لا ؟
فأجاب : إذا nindex.php?page=treesubj&link=12905_12878ارتضع الطفل أو الطفلة من امرأة خمس رضعات في الحولين فقد صار ولدها من الرضاعة ; وصار الرجل الذي در اللبن بوطئه أباه من الرضاعة وإخوة المرأة أخواله وخالاته وإخوة الرجل أعمامه وعماته . وآباؤها أجداده وجداته ; وأولاد كل منهما إخوته وأخواته . وكل هؤلاء حرام عليه فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب . وكذلك أولاد هذا المرتضع يحرمون على أجداده وجداته ; وإخوته وأخواته وأعمامه وعماته ; [ ص: 58 ] وأخواله وخالاته من الرضاعة . وهذا كله باتفاق المسلمين فيثبت حرمة الرضاع من جهة الأبوين ومن جهة الولد .
وأما أبو المرتضع من النسب وأمهاته وإخوته وأخواته من النسب : فكل هؤلاء أجانب من المرتضعة وأقاربها : باتفاق العلماء فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أخته من الرضاعة ويجوز لجميع إخوة المرتضع أن يتزوجوا بمن شاءوا من بنات المرضعة سواء في ذلك التي أرضعت مع الطفل وغيرها . ولا يجوز للمرتضع أن يتزوج أحدا من أولاد المرضعة ; لا بمن ولد قبل الرضاع ولا من ولد بعده باتفاق العلماء . وكثير من الناس يغلط في هذا الموضوع فلا يميز بين إخوة المرتضع من النسب الذين هم أجانب من المرأة وبين أولاد المرتضعة الذين إخوته من الرضاع ويجعل الجميع نوعا واحدا ; وليس كذلك ; بل يجوز لهؤلاء أن يتزوجوا من هؤلاء .
وأما المرتضع فلا يتزوج أحدا من أولاد المرضعة . ولو nindex.php?page=treesubj&link=12971_12974تراضع طفلان فرضع هذا أم هذا ورضعت هذه أم هذا ولم يرضع أحد من إخوتها من أم الآخر حرم على كل منهم أن يتزوج أولاد مرضعته سواء ولد قبل الرضاعة أو بعدها ولم يحرم على أخ واحد منهما من النسب أن يتزوج أخت الآخر من الرضاعة . [ ص: 59 ] و " nindex.php?page=treesubj&link=12905الرضاعة المحرمة بلا ريب " أن يرضع خمس رضعات فيأخذ الثدي فيشرب منه ثم يدعه ثم يأخذه فيشرب مرة ثم يدعه ولو كان ذلك في زمن واحد مثل غدائه وعشائه . وأما دون الخمس فلا يحرم في مذهب الشافعي . وقيل : يحرم القليل والكثير : كقول أبي حنيفة ومالك . وقيل لا يحرم إلا ثلاث رضعات . والأقوال الثلاثة مروية عن أحمد ; لكن الأول أشهر عنه لحديث عائشة الذي في الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=600999كان مما نزل في القرآن عشر رضعات يحرمن ثم نسخ ذلك بخمس رضعات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك } " " وفي المسند وغيره أيضا { nindex.php?page=hadith&LINKID=78211أنه صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أن ترضع شخصا خمس رضعات ; لتحرم عليه }
. " nindex.php?page=treesubj&link=12878والرضاع المحرم " ما كان في الحولين ; فإن تمام الرضاع حولان كاملان كما قال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=242&ayano=2والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } وما كان بعد تمام الرضاعة فليس من الرضاعة ; ولهذا كان جمهور العلماء والأئمة الأربعة وغيرهم على أن nindex.php?page=treesubj&link=12879رضاع الكبير لا تأثير له واحتجوا بما في الصحيحين عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=601000عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل فقال من هذا يا عائشة ؟ قلت : أخي من الرضاعة قال . يا عائشة انظرن من إخوانكن ؟ إنما الرضاعة من المجاعة } وروى الترمذي عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=12433لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام } . ومعنى قوله في : " الثدي " أي وقته وهو الحولان كما جاء [ ص: 60 ] في الحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=601001إن ابني إبراهيم مات في الثدي } أي وهو في زمن الرضاع . وهذا لا يقتضي أنه لا رضاع بعد الحولين ولا بعد الفطام وإن كان الفطام قبل تمام الحولين . وقد ذهب طائفة من السلف والخلف إلى أن إرضاع الكبير يحرم .
واحتجوا بما في صحيح مسلم وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=219زينب بنت أم سلمة { nindex.php?page=hadith&LINKID=115569أن أم سلمة قالت لعائشة : إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي فقالت عائشة : ما لك في رسول الله أسوة حسنة قالت : إن امرأة أبي حذيفة قالت يا رسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل في نفس أبي حذيفة منه شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعيه حتى يدخل عليك } وفي رواية لمالك في الموطأ قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=900أرضعيه خمس رضعات } " فكان بمنزلة ولده من الرضاعة . وهذا الحديث أخذت به عائشة وأبى غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذن به ; مع أن عائشة روت عنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=12433الرضاعة من المجاعة } " لكنها رأت الفرق بين أن يقصد رضاعة أو تغذية . فمتى كان المقصود الثاني لم يحرم إلا ما كان قبل الفطام . وهذا هو إرضاع عامة الناس . وأما الأول فيجوز إن احتيج إلى جعله ذا محرم . وقد يجوز للحاجة ما لا يجوز لغيرها . وهذا قول متوجه . nindex.php?page=treesubj&link=25291ولبن الآدميات طاهر عند جمهور العلماء ; ولكن شك بعض المتأخرين فقال . هو نجس .
[ ص: 61 ] وتنازع العلماء في جواز nindex.php?page=treesubj&link=4456بيعه منفردا ؟ على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره . قيل : يجوز بيعه كمذهب الشافعي . وقيل : لا يجوز كمذهب أبي حنيفة . وقيل : يجوز nindex.php?page=treesubj&link=4456بيع لبن الأمة دون لبن الحرة . والله أعلم .