القول في تأويل قوله تعالى :
[67 ] وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين
وإذ قال موسى لقومه بني إسرائيل : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وذلك أنه وجد قتيل فيهم ، وكانوا يطالبون بدمه ، فأمرهم الله بذبح بقرة وأن يضربوه ببعضها ليحيى ويخبر بقاتله "قالوا" استئناف وقع جوابا عما ينساق إليه الكلام ، كأنه قيل : فماذا صنعوا ؟ هل سارعوا إلى الامتثال أو لا . فقيل : قالوا أتتخذنا هزوا بضم الزاي وقلب الهمزة واوا ، وقرئ بالهمزة مع الضم والسكون . أي : أتجعلنا مكان هزو ، أو أهل هزو ، أو مهزوا بنا ، أو نفس الهزو ، للمبالغة . وأشعر جوابهم ما ثبت من فظاظتهم ; إذ فيه سوء الأدب على من ثبتت رسالته وقد علموها .
" قال" استئناف كما سبق : أعوذ بالله [ ص: 153 ] أن أكون من الجاهلين لأن الهزؤ في أثناء تبليغ أمر الله ، سبحانه ، جهل وسفه . نفى عنه ، عليه السلام ، ما توهموه من قبله على أبلغ وجه ، وآكده ، بإخراجه مخرج ما لا مكروه وراءه بالاستعاذة منه ، استفظاعا له ، واستعظاما لما أقدموا عليه من العظيمة التي شافهوه ، عليه السلام ، بها . والعوذ : اللجأ من متخوف لكاف يكفيه . والجهل : التقدم في الأمور بغير علم .