القول في تأويل قوله تعالى:
إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [146]
إلا الذين تابوا أي: عن النفاق وأصلحوا أي: أعمالهم واعتصموا بالله أي: وثقوا به بترك موالاة الكفار وأخلصوا دينهم لله فلم يبق لهم فيه تردد، ولم يريدوا بطاعتهم إلا وجهه سبحانه، لا رياء الناس كما كانوا قبل.
فأولئك مع المؤمنين إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد المنزلة وعلو الطبقة، أي: لعلو رتبتهم بهذه الأمور لا يكونون في درك من النار فضلا عن الأسفل، بل مع المؤمنين المستمرين على الإيمان بلا نفاق، أي: معهم في درجات الجنان، وقد بين ذلك بقوله سبحانه: وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ثوابا وافرا في الجنة، فيشاركونهم فيه ويساهمونهم، وحذفت (الياء) في الخط هنا اتباعا لللفظ؛ لسكونها وسكون اللام بعدها، ومثله: يوم يدع الداع [القمر: 6] و سندع الزبانية [العلق: 18]، و يوم يناد المناد [ق: 41] [ ص: 1624 ] ونحوها، فإن الحذف في الجميع لالتقاء الساكنين، فجاء الرسم تابعا لللفظ، والقراء يقفون عليه دون ياء اتباعا للخط الكريم، إلا يعقوب والكسائي فإنهم يقفون بالياء نظرا إلى الأصل، كذا في "الفتح". وحمزة