القول في تأويل قوله تعالى :
[ 26 ] قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير .
قل اللهم مالك الملك أي : مالك جنس الملك على الإطلاق ملكا حقيقيا بحيث تتصرف فيه كيفما تشاء : إيجادا وإعداما وإحياء وإماتة وتعذيبا وإثابة ، من غير مشارك ولا ممانع : تؤتي الملك من تشاء بيان لبعض وجوه التصرف الذي تستدعيه مالكية الملك ، وتحقيق لاختصاصها به تعالى حقيقة ، وكون مالكية غيره بطريق المجاز ، كما ينبئ عنه إيثار ( الإيتاء ) الذي هو مجرد الإعطاء على ( التمليك ) المؤذن بثبوت المالكية حقيقة - أفاده أبو السعود - . وفي التعبير بـ ( من ) العامة للعقلاء إشعار بمنال الملك من لم يكن من أهله ، وأخص الناس بالبعد منه العرب ، ففيه إشعار بأن الله ينول ملك فارس والروم العرب ، كما وقع منه ما وقع ، وينتهي منه ما بقي ، إلى من نال الملك بسببها ، وعن الاستناد إليها ، من سائر الأمم الذين دخلوا في هذه الأمة من قبائل الأعاجم ، وصنوف أهل الأقطار ، حتى ينتهي الأمر إلى أن يسلب الله الملك جميع أهل الأرض بظهور ملك يوم الدين - كذا في البقاعي - : وتنـزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير
[ ص: 821 ]