القول في تأويل قوله تعالى:
[34 - 38] إنا منـزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين .
إنا منـزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء أي: عذابا عظيما من جهتها: بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون يعني قصتها العجيبة، أو آثارها الخربة: وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر أي: توقعوه، وما سيقع فيه من فنون الأهوال: ولا تعثوا في الأرض مفسدين أي: بالبغي على أهلها، كنقص المكيال والميزان، وقطع الطريق على الناس، فإن عاقبة ذلك الدمار: فكذبوه فأخذتهم الرجفة أي: الصيحة التي هي منشأ الزلزلة الشديدة: فأصبحوا في دارهم أي: بلدهم أو منازلهم: جاثمين أي: هلكى ميتين: وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين أي: عقلاء متمكنين من النظر والافتكار بواسطة الرسل عليهم السلام، فإنهم أوضحوا السبل، فلم يكن لهم في ذلك عذر، ولكنهم لم يفعلوا، عنادا وكبرا.