[ ص: 4390 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[8 - 11] والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون .
والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون أي : قائمون عليها بحفظها وإصلاحها . والآية تحتمل العموم في كل ما اؤتمنوا عليه وعوهدوا ، من جهة الله تعالى ومن جهة الخلق والخصوص فيما حملوه من أمانات الناس وعهودهم . ولذا عدت في الحديث المشهور. الخيانة في الأمانة من آيات النفاق
والذين هم على صلواتهم يحافظون أي : يحافظون عليها . وذلك أن لا يسهوا عنها ويؤدوها في أوقاتها ، ويقيموا أركانها ، ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتم به أوصافها . وليس هذا تكريرا لما وصفهم به أولا . فإن الخشوع في الصلاة ، غير المحافظة عليها . وتقديم الخشوع اهتماما به . حتى كأن الصلاة ، لا يعتد به بدونه ، أو لعموم هذا له . وفي تصدير الأوصاف وختمها بأمر الصلاة ، تعظيم لشأنها .
أولئك أي : الجامعون لهذه الأوصاف : هم الوارثون الذين يرثون الفردوس أي : الجنة : هم فيها خالدون أي : لا يخرجون منها أبدا .
ثم أشار تعالى إلى مبدأ خلقه الإنسان وتقليبه في أطوار شتى ، حتى نما كاملا ، وإلى ما خلقه من عالم السماء والأرض ، وسخره لمنافعه ، ليشكر مولاه ويعبده ، كما أمره وهداه ، بقوله سبحانه :