ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما
قوله تعالى: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
أحدها: قالت: يا رسول الله: يغزو الرجال ، ولا نغزو ، وإنما لنا نصف الميراث ، فنزلت هذه الآية ، أم سلمة قاله أن مجاهد .
والثاني: أن النساء قلن: وددن أن الله جعل لنا الغزو ، فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال ، فنزلت هذه الآية ، قاله عكرمة .
والثالث: أنه لما نزل للذكر مثل حظ الأنثيين قال الرجال: إنا لنرجو [ ص: 69 ] أن نفضل على النساء بحسناتنا ، كما فضلنا عليهن في الميراث ، وقال النساء: إنا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال ، كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة ، والسدي .
وفي معنى هذا التمني قولان . . أحدهما: أن يتمنى الرجل مال غيره ، قاله ابن عباس ، والثاني: أن يتمنى النساء أن يكن رجالا . وقد روي عن وعطاء . أنها قالت: يا ليتنا كنا رجالا ، فنزلت هذه الآية . أم سلمة
وللتمني وجوه .
أحدها: أن يتمنى الإنسان أن يحصل له مال غيره ، ويزول عن الغير ، فهذا الحسد .
والثاني: أن يتمنى مثل ما لغيره ، ولا يحب زواله عن الغير ، فهذا هو الغبطة وربما لم يكن نيل ذلك مصلحة في حق المتمني . قال لا تمن مال فلان ، ولا مال فلان ، وما يدريك لعل هلاكه في ذلك المال؟ . الحسن:
والثالث: أن تتمنى المرأة أن تكون رجلا ، ونحو هذا مما لا يقع ، فليعلم العبد أن الله أعلم بالمصالح ، فليرض بقضاء الله ، ولتكن أمانيه الزيادة من عمل الآخرة .
[ ص: 70 ] قوله تعالى: للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن فيه قولان .
أحدهما: أن المراد بهذا الاكتساب ، الميراث ، وهو قول ابن عباس ، وعكرمة .
والثاني: أنه الثواب والعقاب . فالمعنى: أن المرأة تثاب كثواب الرجل ، وتأثم كإثمه ، هذا قول قتادة ، وابن السائب ، واحتج على صحته ومقاتل . بأن الميراث لا يحصل بالاكتساب ، وبأن الآية نزلت لأجل التمني والفضل . أبو سليمان الدمشقي
قوله تعالى: واسألوا الله من فضله قرأ ابن كثير ، والكسائي ، وأبان ، في اختياره (وسلوا الله (فسل الذين (فسل بني إسرائيل (وسل من أرسلنا وما كان مثله من الأمر المواجه به ، وقبله "واو" أو "فاء" فهو غير مهموز عندهم . وكذلك نقل عن وخلف أبي جعفر ، وشيبة . وقرأ الباقون بالهمز في ذلك كله ، ولم يختلفوا في قوله: وليسألوا ما أنفقوا [الممتحنة: 10] أنه مهموز .
وفي المراد بالفضل قولان . أحدهما: أن الفضل: الطاعة ، قاله سعيد ابن جبير ، ومجاهد ، والثاني: أنه الرزق ، قاله والسدي . فيكون المعنى: سلوا الله ما تتمنوه من النعم ، ولا تتمنوا مال غيركم . ابن السائب ،