واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما
قوله تعالى: واللذان قرأ "واللذان" بتشديد النون ، و"هذان" في (طه) و(الحج) و"هاتين" في (القصص): ابن كثير: إحدى ابنتي هاتين و"فذانك" [ ص: 35 ] كله بتشديد النون . وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، بتخفيف ذلك كله ، وشدد والكسائي ، "فذانك" وحدها . أبو عمرو
وقوله: واللذان: يعني: الزانيين . وهل هو عام ، أم لا؟ فيه قولان .
أحدهما: أنه عام في الأبكار والثيب من الرجال والنساء ، قاله الحسن ، وعطاء .
والثاني: أنه خاص في البكرين إذا زنيا ، قاله أبو صالح ، والسدي ، وابن زيد ، قال وسفيان . والأول أصح ، لأن هذا تخصيص بغير دلالة . القاضي أبو يعلى:
قوله تعالى: يأتيانها يعني: الفاحشة . قوله: فآذوهما فيه قولان .
أحدهما: أنه الأذى بالكلام ، والتعيير ، رواه عن أبو صالح وبه قال ابن عباس ، قتادة ، والضحاك ، والسدي ، ومقاتل .
والثاني: أنه التعيير ، والضرب بالنعال ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس . فإن تابا من الفاحشة وأصلحا العمل فأعرضوا عن أذاهما . وهذا كله كان قبل الحد .
فصل
كان ، فيما تقدم ، الأذى لهما ، والحبس للمرأة خاصة ، فنسخ الحكمان جميعا ، واختلفوا بماذا وقع نسخهما ، فقال: قوم: بحديث حد الزانيين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عبادة بن الصامت وهذا على قول من يرى نسخ القرآن بالسنة . (خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا ، الثيب بالثيب جلد مائة ، ورجم بالحجارة ، والبكر بالبكر جلد مائة ، ونفي سنة
[ ص: 36 ] وقال قوم: نسخ بقوله: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" [النور: 2] قالوا: وكان قوله: "واللذان يأتيانها" للبكرين ، فنسخ حكمهما بالجلد ، ونسخ حكم الثيب من النساء بالرجم .
وقال قوم: يحتمل أن يكون النسخ وقع بقرآن ، ثم رفع رسمه ، وبقي حكمه ، لأن في حديث "قد جعل الله لهن سبيلا" والظاهر: أنه جعل بوحي لم تستقر تلاوته . قال عبادة وهذا وجه صحيح ، يخرج على قول من لم ينسخ القرآن بالسنة . قال: ويمتنع أن يقع النسخ بحديث القاضي أبو يعلى: لأنه من أخبار الآحاد ، والنسخ لا يجوز بذلك . عبادة ،