فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم [ ص: 530 ] وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب .
قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم) روي عن أنها قالت: يا رسول الله ، لا أسمع ذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فنزلت هذه الآية . أم سلمة واستجاب: بمعنى أجاب . والمعنى: أجابهم بأن قال لهم: إني لا أضيع عمل عامل منكم ، ذكرا كان أم أنثى .
وفي معنى قوله تعالى: (بعضكم من بعض) ثلاثة أقوال .
أحدها: بعضكم من بعض في الدين ، والنصرة والموالاة .
والثاني: حكم جميعكم في الثواب واحد ، لأن الذكور من الإناث ، والإناث من الذكور . والثالث: كلكم من آدم وحواء .
قوله تعالى: (فالذين هاجروا) أي: تركوا الأوطان والأهل والعشائر (وأخرجوا من ديارهم) يعني: المؤمنين الذين أخرجوا من مكة بأذى المشركين ، فهاجروا ، (وقاتلوا المشركين وقتلوا) . قرأ ابن كثير ، "وقاتلوا وقتلوا" مشددة التاء . وقرأ وابن عامر: نافع ، وأبو عمرو ، : "وقاتلوا وقتلوا" خفيفة . وقرأ وعاصم حمزة ، "وقتلوا وقاتلوا" . قال والكسائي: أبو علي: تقديم "قتلوا" جائز ، لأن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولا في المعنى ، مؤخرا في اللفظ .
قوله تعالى: (ثوابا من عند الله) قال هو مصدر مؤكد لما قبله ، لأن معنى: [ ص: 531 ] (لأدخلنهم جنات): لأثيبنهم . الزجاج: