روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة وقرأ عليه أم القرآن فقال: "والذي نفسي بيده ، ما أنزل في التوراة ، ولا في الإنجيل ، ولا في الزبور ، ولا في الفرقان مثلها ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" . أبي بن كعب
فمن أسمائها: الفاتحة ، لأنه يستفتح الكتاب بها تلاوة وكتابة .
ومن أسمائها: أم القرآن ، وأم الكتاب ، لأنها أمت الكتاب بالتقدم .
ومن أسمائها: السبع المثاني ، وإنما سميت بذلك لما سنشرحه في (الحجر) إن شاء الله .
واختلف العلماء في على قولين . نزولها
أحدهما: أنها مكية ، وهو مروي عن علي بن أبي طالب ، والحسن ، وأبي العالية ، وقتادة ، وأبي ميسرة .
والثاني: أنها مدنية ، وهو مروي عن أبي هريرة ، ومجاهد ، وعبيد بن عمير ، وعن وعطاء الخراساني . كالقولين . ابن عباس
فصل
فأما تفسيرها:
فـ (الحمد) رفع بالابتداء ، و (لله) الخبر .
والمعنى: الحمد ثابت لله ، ومستقر له ، والجمهور على كسر لام (لله) وضمها ابن عبلة ، قال هي لغة بعض [ ص: 11 ] الفراء: بني ربيعة ، وقرأ ابن السميفع: (الحمد) بنصب الدال "لله" بكسر اللام . وقرأ أبو نهيك بكسر الدال واللام جميعا .
واعلم أن الحمد: ثناء على المحمود ، ويشاركه الشكر ، إلا أن بينهما فرقا ، وهو: أن الحمد قد يقع ابتداء للثناء ، والشكر لا يكون إلا في مقابلة النعمة ، وقيل: لفظه لفظ الخبر ، ومعناه الأمر ، فتقديره: قولوا: الحمد لله .
وقال الحمد: الثناء على الرجل بما فيه من كرم أو حسب أو شجاعة ، وأشباه ذلك . ابن قتيبة:
والشكر: الثناء عليه بمعروف أولاكه ، وقد يوضع الحمد موضع الشكر . فيقال: حمدته على معروفه عندي ، كما يقال: شكرت له على شجاعته .
فأما (الرب) فهو المالك ، ولا يذكر هذا الاسم في حق المخلوق إلا بالإضافة ، فيقال: هذا رب الدار ، ورب العبد .
وقيل: هو مأخوذ من التربية .
قال شيخنا أبو منصور اللغوي: يقال: رب فلان صنيعته يربها ربا: إذا أتمها وأصلحها ، فهو رب وراب .
قال الشاعر:
يرب الذي يأتي من الخير إنه إذا سئل المعروف زاد وتمما
قال: والرب يقال: على ثلاثة أوجه .
أحدها: المالك . يقال: رب الدار .
والثاني: المصلح ، يقال: رب الشيء .
والثالث: السيد المطاع ، قال تعالى: فيسقي ربه خمرا [ يوسف: 41 ] .
والجمهور على خفض باء "رب" وقرأ أبو العالية ، وابن السميفع ، وعيسى بن عمر بنصبها .
وقرأ أبو رزين العقيلي ، والربيع بن خيثم ، برفعها . وأبو عمران الجوني
[ ص: 12 ] فأما (العالمين) فجمع عالم ، وهو عند أهل العربية: اسم للخلق من مبدئهم إلى منتهاهم وقد سموا أهل الزمان الحاضر عالما .
فقال الحطيئة:
تنحي فاجلسي مني بعيدا أراح الله منك العالمينا
فأما أهل النظر ، فالعالم عندهم: اسم يقع على الكون الكلي المحدث من فلك ، وسماء ، وأرض ، وما بين ذلك .
وفي اشتقاق العالم قولان .
أحدهما: أنه من العلم ، وهو يقوي قول أهل اللغة .
والثاني: أنه من العلامة ، وهو يقوي قول أهل النظر ، فكأنه إنما سمي عندهم بذلك لأنه دال على خالقه .
وللمفسرين في المراد ب "العالمين" هاهنا خمسة أقوال:
أحدهما: الخلق كله ، السماوات والأرضون وما فيهن وما بينهن . رواه عن الضحاك ابن عباس .
الثاني: كل ذي روح دب على وجه الأرض . رواه عن أبو صالح ابن عباس .
والثالث: أنهم الجن والإنس . روي أيضا عن وبه قال ابن عباس ، مجاهد ، ومقاتل .
والرابع: أنهم الجن والإنس والملائكة ، نقل عن أيضا ، واختاره ابن عباس ابن قتيبة .
والخامس: أنهم الملائكة ، وهو مروي عن أيضا . ابن عباس