قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيه قولان . أحدهما: أن معناه: فلا جناح على الرجال في تزويجهن بعد ذلك . والثاني: فلا جناح على الرجال في ترك الإنكار عليهن إذا تزين وتزوجن . قال وهو خطاب لأوليائهن . أبو سليمان الدمشقي:
قوله تعالى: فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف فيه قولان . أحدهما: أنه التزين والتشوف للنكاح ، قاله الضحاك ، والثاني: أنه النكاح ، قاله ومقاتل . الزهري ، و"الخبير" من أسماء الله تعالى ، ومعناه: العالم بكنه الشيء ، المطلع على حقيقته . و"الخبير" في صفة المخلوقين إنما يستعمل في نوع من العلم ، وهو الذي يتوصل إليه بالاجتهاد دون النوع المعلوم ببدائه العقول . وعلم الله تعالى سواء ، فيما غمض ولطف ، وفيما تجلى وظهر . والسدي .
قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء هذا خطاب لمن . والتعريض: الإيماء والتلويح من غير كشف ، فهو إشارة بالكلام إلى ما ليس له في الكلام ذكر . أراد تزويج معتدة بكسر الخاء: طلب النكاح ، والخطبة بضم الخاء: مثل الرسالة التي لها أول وآخر . قال والخطبة التعريض أن يقول: إني أريد أن أتزوج . وقال ابن عباس: أن يقول: إنك لجميلة ، وإنك لحسنة ، وإنك لإلى خير . مجاهد:
قوله تعالى: أو أكننتم في أنفسكم قال فيه لغتان ، كننت الشيء ، وأكننته [ ص: 277 ] وقال الفراء: أكننت الشيء: إذا أخفيته في نفسك ، وكننته: إذا سترته بشيء . وقال ثعلب: أكننت الشيء: إذا سترته ، ومنه هذه الآية ، وكننته: إذا صنته ، ومنه قوله تعالى: ابن قتيبة: كأنهن بيض مكنون [ الصافات: 49 ] قال بعضهم يجعل كننته ، وأكننته ، بمعنى .
قوله تعالى: علم الله أنكم ستذكرونهن قال ذكره إياها في نفسه . مجاهد:
قوله تعالى: ولكن لا تواعدوهن سرا فيه أربعة أقوال . أحدها: أن المراد بالسر هاهنا: النكاح ، قاله وأنشد بيت ابن عباس . امرئ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يشهد السر أمثالي
وفي رواية: يشهد اللهو قال ونرى أنه مما كنى الله عنه ، كقوله تعالى: الفراء: أو جاء أحد منكم من الغائط [ النساء: 43 ] . وذكر عن الزجاج أن السر: الإفضاء بالنكاح [المحرم ] وأنشد: أبي عبيدة
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
قال استعير السر للنكاح ، لأن النكاح يكون سرا ، فالمعنى: لا تواعدوهن [ ص: 278 ] بالتزويج ، [وهن في العدة ] تصريحا ابن قتيبة: إلا أن تقولوا قولا معروفا لا تذكرون فيه رفثا ولا نكاحا . والثاني: أن المواعدة سرا: أن يقول لها: إني لك محب ، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري ، روي عن أيضا . والثالث: أن المراد بالسر الزنا . قاله ابن عباس الحسن ، وجابر بن زيد ، وأبو مجلز ، وإبراهيم ، وقتادة ، والرابع: أن المعنى: لا تنكحوهن في عدتهن سرا ، فإذا حلت أظهرتم ذلك ، قاله والضحاك . ابن زيد . وفي القول المعروف قولان . أحدهما: أنه التعريض لها ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، والقاسم بن محمد ، والشعبي ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وقتادة ، والثاني: أنه إعلام وليها برغبته فيها ، وهو قول والسدي . عبيدة .
قوله تعالى: ولا تعزموا عقدة النكاح قال معناه لا تعزموا على عقدة النكاح ، وحذفت "على" استخفافا ، كما قالوا: ضرب الزجاج: زيد الظهر والبطن ، معناه: على الظهر والبطن (حتى يبلغ الكتاب أجله) أي: حتى يبلغ فرض الكتاب أجله . قال: ويجوز أن يكون "الكتاب" بمعنى "الفرض" كقوله تعالى: كتب عليكم الصيام [ البقرة: 183 ] . فيكون المعنى: حتى يبلغ الفرض أجله . قال ابن عباس ، ومجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، بلوغ الكتاب أجله: انقضاء العدة . والسدي:
قوله تعالى: واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم قال من الوفاء ، فاحذروه أن تخالفوه في أمره . والحليم قد سبق بيانه . ابن عباس: